أخر الاخبار

كل ما يفعله يدل على أنه شاعر إلا كتابته

الشاعر الليبي أنيس فوزي
الشاعر الليبي أنيس فوزي


كتب : أنيس فوزي

 أعرف شخصا كل ما يفعله يدل على أنه شاعر، إلا كتابته

يرتدي المعاطف الطويلة والقفازات الجلدية، ويعشق قهوة المساء ولديه حبيبة تركته، وتزوجت صديقه المقرّب ويعاني من خذلان الناس، وحين يكون الجو ممطرا يمتشق قلمه من بين أزرار قميصه الأسود، ويكتب على علبة السجائر، الوحي الذي نزل عليه قبل أن ينساه، لكنه وحي سخيف.
يحضر المناسبات الشعرية والأدبية والفنية، وله لقاءات عديدة في الصحف والتلفزيون متحدثا عن الشعر ومنظرًّا فيه ومبشّرا بكلمات ستغير العالم، لكن الشِعر الوحيد الذي قاله بلسانه كان في برنامجه على الراديو الذي يتلو فيه قصائد الشعراء الآخرين، وكان أسوأ ما في هذا البرنامج هو القصيدة التي يلقيها في ختام حلقاته، كانت أشبه بمتابعة مباراة في الدوري القطري بعد كلاسيكو أوروبي طاحن.

من هذا الشخص؟ إنه الشخص الخطأ.
وهذه ظاهرة في كل مناحي الحياة وليست في الشعر فقط، فتجد الكثير من الرياضيين يركضون يوميا ويعرقون ولكن بلا جدوى، كثير من الموسيقيين يعزفون ولكن نشازهم لئيمٌ أليم، كثير من المذيعين يظهرون ويتمكيجون ولكن بلا تأثير وبلا معاني، وهذه الظاهرة تتحول من عابرة إلى مزمنة حين يكثر هذا النموذج في الحياة العامة ومؤسساتها وفنونها وقضاياها ومن يمثّلهم ويؤمنون به.
بل وينطبق هذا أيضا على السياسيين الذين يلبسون أفضل الماركات ويركبون أفخم السيارات ويسكنون أهيَب القصور ويقولون أطول الخطابات وأسخفها محتوى، لكن ما يفعلونه ليس سياسة، حبذا لو توفرت لكل سياسي المزايا التي يتمتعون بها، لكن المسألة ليست أموال وسيارات وشهرة والحاج فلان جاءْ والحاج فلان عدّا، المسألة ببساطة هي إن: البصلة عمرها ما حتقعد تفاحة!
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -