مخاطر تلوث شواطئ طرابلس بمياه الصرف الصحي
الدراسة وفريق البحث
تلوث شواطئ طرابلس بمياه الصرف الصحي، ودرجة خطورة هذا التلوث على مدينة طرابلس ، موضوع اهتم بدراسته بشكل علمي ومنهجي ، فريق من الأساتذة المتخصصين وهم الدكتور أحمد ألمختار بريرة، وهو أستاذ في قسم الهندسة البحرية والمنصات العائمة بكلية الهندسة جامعة طرابلس، والدكتور بشير محمد فارس وهو أيضا أستاذ بقسم الهندسة المدنية في كلية الهندسة جامعة طرابلس، والمهندسة فاطمة عبدالمجيد البهيليل، الباحثة بالمركز المتقدم للتقنية – طرابلس. لأهمية هذه الدراسة العلمية، وماخلصت إليه من نتائج وتوصيات مهمة ، أقدم هنا عرضا موجزاً ملخصاً لأهم ما ورد في هذه الدراسة القيمة.
مقدمة الدراسة
عنوان هذه الدراسة البحثية المهمة (دراسة تأثير مياه الصرف الصحي غير المعالجة على شواطئ مدينة طرابلس) ، وفي مقدمتها أشارت الدراسة إلى أن التلوث بشكل عام ، يشكل خطراً حقيقياً يهدد الجنس البشري ، وكوكب الأرض ، وأن معدلات هذا التلوث وصلت إلى معدلات عالية جداً وواصلت حدة ارتفاعها وخطورتها بشكل تصاعدي منذ دخول البشرية لمرحلة الثورة الصناعية .ترواث مائية معرضة للتلوث
وفقا للدراسة فأن تلوث المياه، يعد من أخطر مظاهر التلوث على الأرض ،خاصة وأن نسبة المياه في الأرض تقارب 80% ، وهذا يعكس مدى أعتماد كوكب الأرض على الماء، واستحالة العيش بدونه.
ومياه البحار في المنطقة العربية، أكسبتها أهمية كبيرة، اقتصاديا وأستراتيجياً، جعلت من مياه البحار والمحيطات والأنهار مخزون هائل من الثروات المائية والسمكية والغذائية والمعدنية، وغيرها من الثروات التي جعلت من الوطن العربي بشكل عام مطمعاً وهدفاً المستعمرين والغزاة.
الورقة أشارت إلى أن تواضع قدرة التخلص من المخلفات الناتجة من النشاطات البشرية اضطرت كثير من الحكومات في المنطقة العربية ، إلى أستخدام المسطحات المائية من بحار و محيطات كمحطات نهائية للتخلص منها ومن ثم بدأت تظهر مشكلة تراكم الملوثات المختلفة خاصة الطحالب البحرية ، وبقايا الزيوت ومشتقات النفط ، لذلك لم يعد بإمكان المسطحات المائية استيعاب الكميات الضخمة من الملوثات التي تفوق قدرتها على التنقية.
جهود دولية للحد من التلوث البحري
مع مرور الوقت أصبحت مشكلة التلوث البحري قضية تشغل العالم كله ، وهذا أنتج تعاون وتكاتف في جهود عديد من المنظمات الرسمية والغير رسمية ، وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة، والتي كثفت جهودها في التقليل من مخاطر التلوث البحري.
هذه المنظمات ، تخصص سنويا مبالغ تقدر بالمليارات من أجل معالجة مشاكل التلوث بشكل عام والتلوث البحري بشكل خاص، فسعت هذه المنظمات العالمية، على مشكلة تلوث شواطئ و مياه البحار و المحيطات دفعت بكثير من المنظمات الدولية كالأمم المتحدة، و الإقليمية كالاتحاد الأوروبي بالإضافة ألى بعض الحكومات بتخصيص مبالغ ضخمة للحد من المخاطر و معالجة هذه المشكلة.
وبشكل عام فقد نجحت عدد من الدول الساحلية المتقدمة منها خصوصاً ، في منع وصول أو معالجة النفايات قبل التخلص منها في مياه البحار أو المحيطات. وضمنت بذلك (إلى حد ما) في ضمان سلامة شواطئها أو مياهها الإقليمية ، وساهمت هذه الدول في مساعدة الدول الأخرى عن طريق التضافر والتعاون وتبادل الخبرات للحد من خطورة التلوث البحري .
تحديد مشكلة الدراسة
انحصرت مشكلة الدراسة ، على التأكيد على أن الشواطئ الليبية ، بشكل عام تتعرض للتدمير بسبب مواصلة ضخ مياه الصرف الصحي بكميات كبيرة تقدر ب 38 مليون متر مكعب كل عام .لهذا السبب ترى الدراسة أن الشواطئ الليبية ، أصبحت مهددة بخطر هجرة الأسماك منها، واستشهدت ببعض الدراسات التي أشارت إلى أن المخزون السمكي في ليبيا لايتجاوز 35% بينما 65% من المياه الليبية صحراء زرقاء ومافيها غير صالح للأكل، وأن التلوث بأنواعه المختلفة أدى إلى ظهور الطحالب الخضراء في مناطق متعددة من السواحل الليبية ، وأيضا أدى إلى نفوق الأسماك والكائنات البحرية ، أو أصابتها بالبكتيريا.
وتفترض الدراسة أن مظاهر هذا التلوث، يهدد الأمن الغذائي وأن تراكمات المواد السامة في الأنسجة المختلفة للكائنات البحرية ، وادى الى حدوث تلف نسبة كبيرة من الشعاب المرجانية، الموجودة في الشواطئ الليبية.
هذا التلف في الشعاب المرجانية ، خلف انبعاث روائح كريهة، وأصبح من الصعب التعايش مع هذه الروائح خصوصا على شواطئ المدن الساحلية الكبيرة المكتظة بالسكان ومراكز الخدمات.
من جانب آخر تفترض الدراسة أن هذا التلوث وهذه الانبعاثات ، منعت من ممارسة كثير من النشاطات الرياضية بداية بممارسة رياضة السباحة ، مروراً برياضات الصيد وغيرها من الرياضات البحرية .
ويمكن تلخيص مشكلة الدراسة، التي تم تناولها بالدراسة والتحليل في النقاط التالية :-
- هناك مخاطر صحية عامة من تصريف مياه المجاري غير المعالجة، إلى الشواطئ البحرية.
- لا تتوقف مشكلة تلوث مياه البحر في المدن والمناطق الساحلية الليبية وأثارها على ليبيا فقط ، لكنها تضر أيضا بكل بلدان البحر الأبيض المتوسط المجاورة .
- هناك مشكلة تتمثل في عدم توفر قاعدة بيانات موثوق بها ، توضح حجم مشكلة التلوث في شواطئ مدينة طرابلس وبقية المدن الساحلية الليبية
- لاتتوفر برامج علمية وخطط ودراسات يمكنها من مراقبة وتقييم مستوى التلوث في طرابلس وغيرها من مدن الساحل ، حتى يتم إبلاغ الجمهور عن المناطق الملوثة وغير الآمنة.
أهداف الدراسة
بحسب الدراسة فأن الهدف الرئيسي لها هو محاولة فريق البحث للعمل على ضمان بيئة بحرية ساحلية صحية وامنة ، وذلك عن طريق :- رصد الفريق البحثي في هذه الدراسة ، لنوعية المياه البحرية في الشواطئ الليبية ، خصوصا شواطئ مدينة طرابلس ، وتعريف سكان المدينة ومرتادي هذه الشواطئ في طرابلس وبقية المدن الشاطئية والساحلية بإي مخاطر محتملة على الصحة العامة.
- الرصد الروتيني لشواطئ مدينة طرابلس من خلال تقييم نوعية المياه الميكروبيولوجية التي قد تشير إلى احتمال وجود الجراثيم المسببة للأمراض.
- وضع معايير جودة للمياه المستخدمة للأغراض الترفيهية.
- توفير البيانات لصانعي القرار، والتي من المتوقع أن تساعد في صياغة السياسات التي يمكن أن تقلل من مستوى التلوث.
- تعزيز فهم الجمهور وزيادة مستوى الوعي بظاهرة تلوث المياه الشاطئ وأهمية المحافظة على نوعية المياه بين مختلف القطاعات المعنية.
المعايير المثالية للشواطئ البحرية
قالت الدراسة : إن اغلب الشواطئ الساحلية في ليبيا ، لا تخضع لمعايير الجودة العالمية لمياه الشواطئ ، وأن السبب في ذلك عدم اهتمام السلطات في ليبيا بهذه الشواطئ سواء من ناحية النظافة، او من ناحية توفير المرافق الضرورية والحماية .الدراسة أشارت أيضا إلى ضرورة أن تتمتع الشواطئ الليبية بجملة من المعايير المتداولة والمتفق عليها حتى تكتسب صفة الشواطي المثالية ومن أهمها حاليا الحصول على علامة الجودة (العلم الأزرق) التي تمنحها مؤسسة التعليم البيئي في أوروبا للشواطئ والموانئ التي تستجيب للمعايير الصارمة التي تعتمدها هذه المؤسسة إلا أن المتطلبات الأساسية لمياه شواطئ الاستحمام بصورة عامة سواء على مسطحات المياه المالحة أو العذبه أو البحيرات يجب أن تكون فى حدود
بحسب الدراسة فإن هناك جملة من المعايير التي يمكن على ضوئها ، اذا ماتوفرت بنسب مختلفة يمكن الحكم على شاطئ بحري بأنه آمن وصحي ومن أهم هذه المعايير مايلي :-
- يجب أن لا تنبعث من مياه البحر رائحة كريهة
- يجب أن تكون مياه البحر على درجة من الشفافية
- يجب أن لا ىقل نسبة الاكسجين الذائب في ماء البحر عن 4.0 جزء فى المليون
- يجب أن لا تزيد نسبة الزيوت والشحوم في مياه البحر عن 10.0 جزء فى المليون
- يجب أن تكون نسبة كبريتيد الهيدروجين في مياه البحر بنسبة 0.01 جزء فى المليون، وفي الأمونيا بنسبة 04.0 جزء وفي الفينول بنسبة 0.05 جزء فى المليون.
الإجراءات العملية في الدراسة
جملة من الإجراءات العملية ، قامت بها الدراسة يمكن تلخيصها في النقاط التالية :-
- تولت الدراسة حصر عدد مصبات مياه المجاري في طرابلس وجنزور وتاجوراء ووجدت أنها أكثر من 40 مصب ، وهذه المصبات ذات أقطار وأحجام مختلفة ، وأن كمية مياه الصرف الصحي الي يتم صبها في البحر تختلف من مكان لأخر .
- لاحظ فريق الدراسة وجود آثار مخلفات الصرف الصحي بكميات متوسطة على شواطئ طرابلس و جنزور وتاجوراء ، وخصوصا بالقرب من المصبات.
- جميع الشواطئ في مدن جنزور، وتاجوراء ،وطرابلس فيها كميات كبيرة من مخلفات مواد البناء والقمامة، ولاتوجد أي رقابة فعالة لوقف مثل هذه المخالفات من جانب المجالس البلدية الواقع في نطاقها هذه الشواطي.
- رصدت الدراسة وجود شحوم بترولية متراكمة بكميات متوسطة على شواطئ جنزور، وتاجوراء ،وطرابلس، وخاصة في مناطق رسو البواخر في ميناء طرابلس والمناطق المجاورة له .
- رصدت الدراسة وجود الاعشاب البحرية بكميات قليلة أو متوسطة في عدد من شواطئ جنزور، وتاجوراء ،وطرابلس.
نتائج الدراسة وتوصياتها
توصلت الدراسة لعدد من النتائج أهمها :-- تمكنت الدراسة من مراقبة ومعالجة تلوث ماء البحر ورمال الشواطئ بصورة منتظمة، وخاصة المناطق القريبة من مصبات الصرف.
- وضعت الدراسة مقترحاً مهماً تضمن برنامج لحماية الأحياء البحرية في الشواطئ الليبية.
- وضعت الدراسة عدداً من المواصفات والمعايير البيئية الدقيقة للسفن المسموح لها بدخول المياه الاقليمية واحواض المواني الليبية بما يتعلق بصرف المخلفات ، وتحميلها مسؤولية أي مخالفات لهذه القواعد.
- عملت الدراسة على تجميع قنوات صب مياه الصرف الصحي القريبة من بعض ومدها لمسافة داخل البحر لحماية الشواطئ من التلوث.
- أوصت الدراسة بضرورة وقف الزحف العمراني على الشواطئ والحفاظ على نظافتها.
- أوصت الدراسة بضرورة إنشاء مرفق ليبي لمراقبة الشواطئ يسمى “مرفق مراقبة الشواطئ الليبية
- أوصت الدراسة بتشديد الرقابة على الشواطئ لمنع القاء القمامة و المخلفات بها مع ضرورة الاهتمام بنظافة الشواطئ أولا بأول حتى لا تتراكم القمامة عليها و تسئ إلى مظهرها الجمالى.
- الدراسة أوصت بشدة على ضرورة العمل الفوري المستعجل لإزالة الطحالب و الأعشاب البحرية التي يقذف بها البحر على الشواطئ أولا بأول و دراسة إمكانية الاستفادة منها اقتصاديا.
- اقترحت الدراسة على الجهات المختصة بضرورة العمل على تنبيه أصحاب المراكب السياحية و التجارية العابرة للمياه الليبية بضرورة الالتزام بالقوانين الليبية و عدم تلويث البيئة بها بأي نوع من الملوثات بما فى ذلك مياه الصرف الصحي أو مياه الصابورة أو ما شابه ذلك.
نرحب بتعليقاتكم