أخر الاخبار

صندوق الرمل ..رواية جديدة للروائية عائشة أبراهيم

صندوق الرمل ..رواية جديدة للروائية عائشة أبراهيم

  صندوق الرمل ..رواية جديدة للروائية عائشة أبراهيم 

عن الروائية عائشة أبراهيم

الروائية والقاصة الليبية عائشة أبراهيم ، رغم تخصصها الأكاديمي في علم الرياضيات والإحصاء ،لكنها أهتمت بالنشر والتأليف والعمل في المجال الأدبي والثقافي منذ بداية دراستها الجامعية ،فكتبت للمسرح ،وأهتمت بالتوثيق والنقد ، وكتبت الرواية والقصة القصيرة .

نماذج من نتاج عائشة أبراهيم  الأدبي

في الرصيد الأبداعي للروائية عائشة أبراهيم ،أصدارات مهمة في الكتابة للمسرح والقصة القصيرة والرواية ، فقد تحصلت على جائزة الدولة للطلاب في مجال الكتابة المسرحية عن مسرحية "قرية الزمرد"، ولها في مجال الإبداع القصصي قصص "السفيرة الأمريكية تنتظرنى"و "انحراف"،و"انفلات"، وقصة "استثقاف"،كما ،نشرت مجموعتها القصصية " العالم ينتهي في طرابلس" في عام 2019 م ، وقبلها في عام 2016م ، نشرت روايتها الاولى "قصيل"ثم رواية "حرب الغزالة" . حازت "قصيل " على أنتشار واسع ،وحضيت بإهتمم النقاد ، فيما نافست "حرب الغزالة " في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2020م.

رواية قصيل

رواية قصيل تعتبر اول عمل روائي للروائية عائشة أبراهيم ، نشرت عن دار ميم الجزائيرية للنشر ، ولاقت الرواية بعد نشرها ، أستحسان القراء ،كما كتب عن الرواية عدد من القراءات والمتابعات النقدية .
وقد أشارت الكاتبة كوتر الجهمي عند عرضها الموجز لرواية" قصيل "على أ|نها " لوحة فنية تقدمها عائشة لحياة بني وليد إبان السبعينيات وحتى مطلع الثمانينيات والتي كما يبدو لي أنها كانت مرحلة تحول ونقلة في واجهة المدينة وإرثها المعماري والفكري على حد سواء.في كل فصل تقريبًا، تزامنًا مع الانتقال البطيء للأحداث، ترسم عائشة بكلماتها لوحات تراثية إبداعية، لا يملك القارئ أمامها إلا الدهشة والرغبة في الغرق أكثر" 
 وقد  حوت رواية قصيل في عدد من فصولها  توصيفاً وتوثيقاً لمرحلة تاريخية مهمة في  قرزة  الاثرية القديمة ، ونقلت في فصول أخرى توثيقا بأسلوب أخاد ومشوق لعصور الرومان والأتراك والقرمانليين والإحتلال الأيطالي .


مقطع من رواية قصيل

ولجنا الزقاق ذا الرصيف الحجري المتاخم للمريقب مرورا بأحد غرف الصالحين. أشعل عود بخور وغرسه في شق بجدار الغرفة، اغترف شيئا من رمل أرضها الناعم نثره على شعري وثيابي طلبا للبركة، عرجنا على المسجد العتيق الذي يتجاوز عمر بنائه خمسمائة سنة، تجاوره خلوة صغيرة مطلية بالجص يتوسطها بندير "ضخم الأحد الأولياء الصالحين قيل أنه ظل يقرع بعد وفاته كلما احتكم الناس في أمر جلل أو مصاب فإن دردابه علامة البيان والجواب، وعلى طول الزقاق ذي الرصيف الحجري يمتد سور المقبرة، وتتصل في طرفها الجنوبي بقوس من الطين مفتوح على بيت مهجور جرت العادة أن يختم به الزائرون طقوس التبرك والزيارة يخرجون بعدها من بابه الآخر الذي يفضي إلى الأحياء المأهولة بالسكان حيث بيتنا، وزوجة أبي سعدة بنت المرجان. ابتسمت لي ابتسامة ودودة، ملامحها هادئة طيبة تنعكس على صفحة وجهها البيضاوي وعينيها شديدتي السواد، تبعت خطواتها الرصينة متعلقة بما رسمه خيالي الصغير عن معنى الأم، لم تكن تتكلم كثيرأ فلا تسألني ولا تجيب أسئلتي، لكنها تتدبر شؤون البيت وتغدق علينا من سبل الراحة وتتلهى في بعض الأوقات بالخياطة والتطريز . 
بيتنا لا يختلف كثيرا عن أي بيت أخر في الحي، والحياة ببني وليد في بداية السبعينات هي نفسها ما كانت عليه في عقد الستينات تعتمد على ما تجود به السماء من أمطار يتلقفها الوادي فيتقصد زروعأ غضة وثمارأ يانعة وزيتا تفيض به الخوابي، كما يهب الوادي قوت الأنعام من الصريع وبقايا الحصيد، والنجم والخبيز والخرطان، فتنمو وتتوالد وتتر، تتورد وجنات الأطفال من سائغ اللبن وأطايب اللحم، وتغزل النساء الصوف وتنسجه عباءات وأدثرة استعدادا لموسم الشتاء، ومثل كل عام تنصهر تقاليد الحياة وتعيد تشكيل نفسها في كل بيت.

رواية حرب الغزالة

رواية حرب الغزالة نشرتها مكتبة طرابلس العلمية العالمية في 2019م ، وقد ورد تعريفا للرواية بالموقع الرسمي للجائزة العالمية للرواية العربية بأنها " تطرق أبواب زمن لم تُطرق من قبل، قبل اكتشاف الكتابة المسمارية والهيروغليفية، وتؤسس لتاريخ ليبيا القديم. حاولت المؤلفة استنطاق وترجمة النقوش الكهفية، وكذلك مومياء طفل الموهيجاج التي سبقت مومياءات الفراعنة بألفي عام، واستنطقت من تلك الرموز والمومياء، حبكة تتحدث عن تاريخ ليبيا منذ بداية استقرار الإنسان وتحوله من صياد يطارد الحيوانات إلى راعٍ ومزارع يقوم بتدجين الماشية وزراعة الحبوب. تسرد الرواية التحولات التي عاشتها القبائل والشعوب في مملكة "الموهيجا"، وهي نسبة إلى الكهف الذي وجدت فيه المومياء، في أقصى جنوب غرب ليبيا. في تلك المملكة تقلدت العرش الملكة تندروس بعد شقيقها الذي مات في ظروف غامضة، وخاضت حروباً مع قبائل وممالك مجاورة، لترسيم مناطق النفوذ، كان آخرها حرب نشبت مع حلف قبائل الماغيو الذين سرقوا غزالة الملكة ذات المكانة الأثيرة على قلبها، لما تمثله من رمزية خاصة لعرشها. "

مقطع من رواية حرب الغزالة

......تلك الغزالة - التي دخلت تاريخ الموهيجاج في وقت لاحق حين سرقت من حظَيرتها واندلعت بسببها حرب الجبل الثانية - تعني الكثير إلى ميكارت.قفز نحوها وربت  بكفه اليمنى على خدها الأيسر فطبعت ما يشبه القبلة في باطن الكف.
 كانت ليلة عصيبة مشحونة بالتوتر ألقت بظلالها على ردهات القصر الملكي، القصر المشيد من الطين والحجر والمسقوف بخشب الحور، ولا ينضوي على شيء من سمات الجمال إلا ذلك البرج الاسطواني الذي يستخدمه الحراس للمراقبة. انتاب الملكة شعور الانقباض واستدعت رئيس الحرس، هيرماس الذي عينته للإشراف على سلامة القصر والملاحق التابعة له من بيوت الحاشية، والنزل الخاص بالرعاة والخدم والخياطين ومصففي الشعر والطباخين. 
هيرماس، الخمسيني الضخم ذو الحاجبين الكثيفين والشعر الكث الطويل، تشي ملامحه بجلافة المحاربين الغلاظ الشداد، لكن الملكة | تندروس التي اعتلت العرش منذ عامين ونيف، رأت خلاف ذلك حين أولته مسؤولية قصرها والملاحق التابعة له، فاستطاع أن يبث الرعب في نفوس الحرس والخدم والرعاة، غير أنه لا يعلم حتى الآن
كيف يرهب أسراب الوطاويط التي تعاود الهجوم في كل مرة.
 هرع مع معاونيه لتفقد الحظيرة المنكوبة، واستدعى الأطباء والمسعفين، وعدد من الخدم الذين قاموا بجمع الوطاويط النافقة في عربة كبيرة تجرها العجول، وأخذوها ليضرموا فيها النيران في واد بعيد.
 وفي كل مرة تهاجم الوطاويط تهاجم الوطاويط قطيع الغزلان الملكية التي يتولى رعايتها، يعقد العزم على أن يطلب من الملكة إعفاءه من هذه الوظيفة، وما أن يستيقظ صباحا، ويتسلل إلى أذنيه رنيم غزالته الفنية سافي تتحفز الترتع برفقته، حتى يثب من سريره طاردة كل وهن الأمس، مستقبلا دفق الشباب الساري في عروقه، فينطلق من جديد مع قطيعه، قاطعة الممرات والمسالك، باتجاه الشمال عبر وادي تشوینت، حيثما ينبسط السهل الواسع المكتنز بالخضرة، والممتدة حتى تخوم غابات فزان الكبرى.
 ازداد ضجيج الاحتفال صخبا في الخارج، واهتزت الأرض تحت وقع أقدام المحاربين وهم يستعرضون قوقم وسلاحهم أمام المنصة الحجرية حيث جلست الملكة وحاشيتها وضيوفها الذين جاءوا من سيردالیس، وتنزوفت وبلاد أغرام وجبارين وتاسيلي و تينيري ومتخندوش، وكانت الجوقة الموسيقية تعزف أنغامها على القياثر الهلالية العملاقة وتصدح بأناشيد الحرب المحفزة لسحق الأعداء والطامعين.

رواية صندوق الرمل

 رواية صندوق الرمل نشرت هذا العام 2022م ، عن دار نشر المتوسط في ايطاليا ، وفي حديث للروائية والقاصة الليبية عائشة أبراهيم ، لموقع ليبيا المستقبل قالت عن قصة كتابتها لصندوق الرمل هذه الرواية أنها : ”مصادفة عثرتُ على أغنية تقول كلماتها (تريبولي بيل سول دامور) (طرابلس أرض الحب الجميلة) كانت قد أطلقتها مغنية إيطالية لتحشيد الشبان من أجل المشاركة في الحرب على ولاية طرابلس الغرب خلال العام 1911، وأصبحتْ تلك الأغنية أحد أهم الشعارات الفتاكة، إضافة إلى مقالات وقصائد  لشعراء كبار ومثقفين إيطاليين مثل  جيوفاني باسكولي وأنريكو كوارديني وغيرهم.  الأمر قادني إلى محاولة فهم ما حدث في الجانب الإيطالي من ملابسات ودوافع وأبعاد غير مطروقة سابقاً. بهذا جاءت رواية صندوق الرمل لتصور عبر شخصياتها مشهدا بانوراميا للصراع السياسي ثم الحرب وتداعياتها الإنسانية“.

صندوق الرمل ..رواية جديدة للروائية عائشة أبراهيم

مقطع من رواية صندوق الرمل

- لا يمكنك أن تترك ذكوراً أقوياء في مكان معزول بلا عمل. 
قال كانيفا مخاطباً الضباط فاقتادوا الجنود تحت لهيب الشمس يحملون الفؤوس والمجارف ورزم من أكياس المشمع الفارغة إلى حيث حدد القادة مكان الخندق، رشقوا الأوتاد ونثروا الغبار الأبيض لترسيم الحدود وانهمكوا في الحفر بانفعال وتذمر، لامس ساندرو للمرة الأولى وهو غارق في الغبار والعرق، حقيقة صندوق الرمل الغريبة، الملمس الوهمي للرمل وهو يتلاشى من بين الأصابع، مزيج الشفافية والقتامة والهشاشة والكبرياء والتشكل من بعد الانهيار، تعجّب من دقة وصف سالفيميني لأرض طرابلس رغم أنه لم يعاين هذه الكثبان الشهباء وهذا الغبار المتعنت والنيران المستعرة تحت الأقدام، وكلما استغرق في الحفر وتمرّغ في الغبار وتذوّق طعمه ورائحته، تلاشى إحساسه بكينونة الجسد، وتحوّل دمه وأنفاسه ومشاعره إلى كتلة من الكلس الثقيل تترسّب في عروقه وتحيله إلى كائن مساميّ شرهٌ للامتصاص. في وقت لاحق لاحظ أنه لم يعد يشعر بالكراهية تجاه الجندي التوسكاني، وعندما تقابلا في موقع الحفر في استراحة الغذاء شعر به كما يشعر تجاه كيس رمل متحرك.
 كان حجم الخندق يتسع ويبتلع الأجساد المتعرقة المنهكة، ويستنزف طاقة الشعور بالألم والخوف والحب والكراهية، فيلوذ الجميع بالصمت والانطفاء، وكلما كبر الخندق يكبر الشعور بالانصهار في كتلة المجموع، وتتلاشى حواجز الاتصال الفيزيائي بين الجنود لتحيلهم إلى آلة في شكل أفعوانة عظيمة، يتحركون فيها كمجموعة تروس تعمل في صمت بلا مشاعر أو ضجيج. وعلى مدى الأيام التي قضاها الجنود في العمل الشاق تحت لهيب الشمس والغبار، أصبح بإمكانهم أن يصفعوا بعضهم البعض دون اعتراض، وأن يبولوا على بعضهم من دون تذمر، وأن يدوسوا جندياً مريضاً بلا تأنيب ضمير، ومن بين سحب الغبار وصوت ضربات الفؤوس وقعقعة المجارف والضجيج، كان على الجانب الآخر من الخندق في حي المنشية أطفال يلعبون، يركضون حفاة في الأحياء الفقيرة، كهول يجلسون عند عتبات المساجد، نساء يثرثرن أمام أبواب البيوت، كانت هناك قطط تموء ورائحة شاي تتسرب من النوافذ، وطعام مسلوق بالبصل والبهار، استطاع ساندرو أن يسترق النظر إلى السكان وهم يمارسون حياتهم على الجانب الآخر دون اكتراث، وانتابته الشكوك في أن صداماً يمكن أن يحدث في هذا المكان.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -