pinterest-site-verification=9c2615a3f2f18801311435c2913e7baa دكتوراة للبيع بقلم الكاتب الليبي الراحل سعد نافو
📁 آخر الأخبار

دكتوراة للبيع بقلم الكاتب الليبي الراحل سعد نافو

دكتوراة للبيع  بقلم الكاتب الليبي الراحل سعد نافو*  

 ظاهرة أكثر من خطيرة 

    إنها ظاهرة أكثر من خطيرة ..!!. وإذا لم تعالج بسرعة ، فإنها قد تنتشر وتهدد كل قيمة ثابتة  في حياتنا الثقافية. وأقصد بها ظاهرة « بيع الشهادات الجامعية العالية »!!.

 وقد تنبه لهذه الطامة الكبرى ، عدد لا يحصى من المفكرين العرب ، ولكن لم يصرح بها إلا قلة نادرة ضاع همسهم في زحمة الصراخ. ولنشرح المشكلة بكلمات أكثر وضوحاً.

 فمن المعروف أنه يجب على كل حامل شهادة جامعية مثل البكالوريوس والليسانس ويرغب في الحصول على الماجستير والدكتوراة ، أن يعد بحثاً جديداً ، أو أطروحة تعالج مشكلة ما، وقد يقضي في إعداد هذه الأطروحة أكثر من ثلاث سنوات ، وفي بعض الأحيان تصل المدة إلى سبع سنوات .. يقضيها هذا الباحث فاحصة ومدققة و منقبأ في مئات الكتب والمراجع القديمة والحديثة .ثم يتقدم برسالته وقد يصيب وقد يخيب .

لقب الدكتور

    لأن لقب « الدكتور » ليس بالهين ، فله مكانته العلمية والاجتماعية في أي بلد في العالم ، علاوة على ما يضفي على صاحبه من هيبة ووقار ومیزات ماديةوهذا أمر منطقي .فكل دولة تحترم نفسها ، تحترم العلم وتعطيه من اهتمامها المكانة الأولى.ولا سيما أن تقدم الدول في هذا العصر لا يقاس بعدد سكانها بقدر ما يقاس بعدد العلماء فيها. 

 أين هذه الظاهرة الغريبة؟

ولعلك  تسأل بعد كل هذا .. أين هي إذن هذه الظاهرة الغريبة ؟؟. انها باختصار شديد ، وبدون ذکر أسماء أو تفصیلاتلقد اكتشفوا أخيرة أن بعض من يحملون شهادات الدكتوراه ، لم يقوموا هم أنفسهم بإعداد أطروحاتهم التي حصلوا عن طريقها وبسببها على هذه الشهادة ذات الاسم الرنان .

فهناك باحث مغمور لم يسمع به أحد ، يأتي إليه بعض هؤلاء – وهم لا يزالون قلة - ويدفعون له مبلغا من المال ويطلبون منه أن يعد لهم أطروحة في موضوع ما ، ويسلمونه ما تيسر من المال .

ويعد هذا الباحث المغمور بكل جد وإخلاص ما طلب منه ويسلمه إلى صاحبه الذي يذهب به بكل كبرياء وثقة بالنفس ، ويتقدم به، على أساس انه من صنعه واجتهادهوما يلبث أن يزهو بذلك اللقب الرفيع.

وقبل أن يذهب بك الخيال مذاهب شتی و تتوارد إلى مخيلتك أسماء من تعرف ، ممن يحملون هذا اللقب .. وانصافا للحق واتباعا للعدل ، لا بد من القول بأن هؤلاء يمثلون قلة نادرة لا تكاد تظهر .

وهذا أمر بديهي .. فليس بالشهادة وحدها يستطيع المرء أن يشق طريقه . أن الزيف سرعان ما يفضح نفسهفالقشرة الخارجية ، مهما كانت براقة ووهاجة ، لا تلبث أن تكشف عما يوجد داخلها .

وبعند ذلك .. لكل حادث حديث.!!


__________________________________
* نشرت هذه المقالة في مجلة جيل ورسالة العدد الثالث -السنة الثامنة 1973
صحيفة المنظار الليبية
صحيفة المنظار الليبية
تعليقات