محطات مهمة في عمر ثورة 17 فبراير (الحلقة الثالثة)
مدخل
أسابيع مهمة في عمر ثورة 17 فبراير، هي مجموعة أحداث تم اقتباسها من سلسلة كتبها الأستاذ المحامي عبد الباسط الحداد ، وهذه السلسلة عبارة عن شهادات لمعاصر لللأسابيع الأولى لاندلاع ثورة 17 فبراير 2011 في مدينة مصراتة.
وقد وثق كاتب هذه السلسلة، جانباً مهماً من تلك الأحداث ، وعرضها على حلقات بشكل مميز في صفحته الرسمية بموقع الفيسبوك ، وتتقدم صحيفة المنظار الليبية بخالص الشكر للأستاذ المحامي عبد الباسط الحداد لعدم ممانعته بإعادة نشرها بتصرف في صحيفة المنظار الليبية.
.بقلم : عبد الباسط الحداد
الجمعة الجامعة 25 فبراير 2011م
لقاء قبل الصلاة
منذ الصباح الباكر ليوم الجمعة 25 فبراير 2011 م التقيت في مجمع المحاكم بالعديد من الزملاء منهم :
- عبدالسلام شلابي
- محمد ارفيدة
- احمد ابوشحمة
- محمد اغليو
- احمد عباس
- خيري عبدالعالى
- طارق الوش
- محمد اشتيوي
- مصطفى القليب
- ابراهيم الشركسية
- نوري عبدالعاطي
- الهادي المالكي
كنا خلال اللقاء نتباحث حول ما جرى يوم أمس ، من معارك في الكلية الجوية والمستمرة الى هذا اليوم ، خاصة وأن عدد المنشقين عن القذافي من العسكريين، الذينأنضموا للثورة في ارتفاع متواصل ، شمل هذا الأنشاق عدد مهم من الضباط وضباط صف تواجد وا معنا اليوم ، وهم يبدون استعدادهم للمشاركة في المعارك ومن هؤلاء:
- محمد درز
- خليل الشبلي
- جمال النيحوي
- محمد لاغا
وقد كان النقاش يدور حول المخاوف من عمليات إنزال بالطائرات قد تقوم بها قوات النظام، وأستمرت الأقتراحات حول طرق تعطيل مهبط المطار، وهي إما: حرث المهبط بالجرافات (الكواشيك)، أو وضع عوائق من سيارات خردة، مع كميات كبيرة من الأتربة، و براميل ومخلفات معدنية، وغيرها مما يعيق نزول الطائرات ، وأستقر الرأي على وضع العواءق لتعطيل المطار
تعطيل مهبط المطار
وفي ذلك اليوم تمكن الشباب من وضع العوائق التي تمنع هبوط الطائرات، كما زاد عدد الشباب المدنيين الراغبين في المشاركة بحمل السلاح والدفاع المدينة ، والكل يتردد على مجمع المحاكم ويطلب السلاح .. وقد تم فتح جبهة جديدة هي جبهة جامع الشورى من جهة طمينة وكرزاز للضغط على قوات الكتيبة والقوات التابعة للنظام والتي كان الدعم يأتيها من الجنوب (دوفان –بني وليد) .
صلاة الجمعة الجامعة
صلاة الجمعة الجامعة أقيمت بجامع الشيخ، وسط المدينة حيث تجمع الآلاف، وتولى الشيخ محمود بن غزي إمامة المصلين ، وكانت خطبته رائعة، حث فيها الشيخ محمود، المسلمون على التعاون في هذا الظرف العصيب، وعلى الصبر مشبهاً ما تتعرض له المدينة حالياً بما تعرض له المسلمون في الفترة الأولى، لبعثته عليه أفضل الصلاة والسلام ، كما نصح القادرين على الجهاد بالمال والنفس، الا يبخلوا بشيء من ذلك ضد كل من يحاول النيل من الحرية، التي تحققت .
بعد صلاة الجمعة أقيمت صلاة الجنازة على شهداء معارك الأمس بالكلية الجوية وقد أقترح البعض أن يتم دفنهم جميعاً بمقبرة سيدي مسعود التي دفن فيها شهيد الثورة الأول خالد ابوشحمة ولكي تسمى مقبرة الشهداء .. ولكن البعض من ذوي الشهداء كان لهم رأي آخر .
مظاهرة توديع الشهداء
بعد صلاة الجنازة على أرواح الشهداء انطلقنا مع معظم من صلوا الجمعة الجامعة ، في مظاهرة حاشدة حيث قطعنا شارع بن غلبون من الشرق للغرب(عكس اتجاه السير به)، ودخلت المظاهرة الى شارع طرابلس من جزيرة الدوران قرب مبنى (الشعبية) واتجه المتظاهرون إلى أمام قاعة الشعب حيث تجمعوا متحدين النظام القمعي ومظهرين وحدة كلمة ورأي أهالي المدينة في المطالبة بالتخلص من النظام الظالم . وفي مساء هذا اليوم تابعنا أخبار انتفاضة أهلنا في سوق الجمعة وتاجوراء بطرابلس عبر الاتصالات الهاتفية وكان هناك خط هاتفي مفتوح بين الهادي التريكي في طرابلس مع أحمد أبو شحمة المتواجد داخل مجمع المحاكم .. وكم كانت طموحاتنا كبيرة بأن يتم القضاء على الطاغية وتنتصر الثورة في طرابلس ، ولكن قمع الطاغية كان رهيبا على ما يبدو .
تجمعات جديدة وعمل نضالي متنوع
مع التجمع الموجود بمجمع المحاكم (مدنيين وعسكريين) تكون ابتداء من هذا اليوم تجمع شبابي أخر في مقر مبنى (الشعبية) وكان من أبرز القائمين على هذا التجمع الأخوة :عمر بالحاج ، مصطفى الشاوش ، يوسف الكبير وآخرين .. هذا التجمع كان عسكري مدني مختلط . كما تشكل تجمع آخر بقاعة الشعب يغلب عليه العمل الإعلامي حيت كان من أبرز وجوه هذا التجمع : محمد بالراس علي ، علي محمد الفقيه ، فوزي الكرشيني ، جمال بوختالة ، المبروك المصراتي .
وتكون أيضا فريق عمل تسيير الخدمات بالمدينة، واتخذوا من مقر الإسعاف السريع بمنطقة رأس التوتة (على الطريق الدائري الثاني) مقراً لهم وكان على رأس هذه المجموعة الأستاذ القاضي جمال هروس والأستاذ القاضي أحمد الروياتي ومعهما مجموعة من الفاعلين في الثورة مثل : فرج دبك ، أبوبكر الحداد ، صلاح القلال ، وليد أبشير ، مصطفى الأحمر ، عبدالرؤوف المبروك ، خيري زقلام ، علي خضورة ، اسماعيل السويحلي وآخرين ... وليعذرني من لم أكتب أسمه من هذه المجموعات لعدم معرفتي بشخصه أو للنسيان .
وهنا يتعين القول إن العمل النضالي بالمدينة بكل أوجهه .. المدني السلمي (وهو الأساس) والعسكري والاجتماعي والتوعوي الديني والوطني وكذلك الإعلامي كان مختلطاً مشتركا بين الجميع فكان الواحد من الثوار يعمل في كل هذه المجالات رغم محاولة تشكيل اللجان التخصصية . ولكن بانتهاء الأسبوع الأول من الثورة بدأ البعض ينادي بضرورة فصل العمل العسكري عن العمل المدني والخدماتي وأذكر ان إسلام عيسى سوالم كان من أوائل من نادى بضرورة خروج العسكريين من مقر مجمع المحاكم لدواعي تنظيم العمل والتقليل من الفوضى التي يشهدها المكان أولاً .. تم لخلق نوع من السرية لعملهم والأمان لهم . ومما يثير الاستغراب والدهشة واستدعى من الكثيرين أخد الحيطة والحذر هو كثرة عدد المفقودين (المختطفين) الذين يتم التبليغ عنهم كل ساعة لدى لجنة البلاغات بمجمع المحاكم .
كلمة عبدالرحمن شلقم
اسعدتنا كثيراً كلمة عبدالرحمن شلقم في مجلس الأمن، في مساء الجمعة 25 فبراير 2011م ، وعباراته المنتقاة بعناية ودقة ، تلك الكلمة التي كان لها بالتأكيد دور وتأثير على صناع القرار في دول العالم ، وفرحنا أكثر بقرار مجلس الأمن الذي يفرض عقوبات مالية واقتصادية على مؤسسات نظام الحكم القمعي في ليبيا، ويجمد أرصدته المالية في دول العالم .
وهكذا مضى الأسبوع الأول من الثورة .. كانت الانجازات كبيرة بفضل الله سبحانه وتعالى وبفعل تكاتف الجهود ونكران الذات ، وفي هذا السياق أود أن أذكر أن اللجنة القضائية التي تشكلت لتسيير مدينة مصراته لم يعين لها رئيس بل كان العمل فيها جماعياً وعندما كنا نجتمع كان أكبر المجتمعين سناً أو أقدم الحاضرين درجة يتولى إدارة الجلسة ، ولم يشترط حضور عدد معين من الأعضاء للعمل بل كان العمل يتم بالحاضرين ..
نرحب بتعليقاتكم