دعيني انفذ عبر صدرك الكبير ..
أطرق بابك وأمر..
أرافق الصغار حينما يذهبون، وحينما يجيئون ..
وفي أيديهم تهتز القناديل المضاءة..
أمنحيني المقدرة على عبور لحظاتك المتوهجة ..
وليبارك - الله - الأطفال ، والأضواء ، و الأغنيات
الصادقة التي ترتفع فوق المدينة والضجيج ۰۰
هذا قندیل ، أو قندیل۰۰
يشعل في ظلمات الليل..
فلتشتعل القناديل..
وليغن الأطفال ، وليصدحوا..
وليمنحوا العالم دفئا ، و تفاؤلا ۰۰
وليمسحوا عن وجوهنا النفاق والغبار
هذا قندیل ، أو قندیل۰۰
يشعل في ظلمات الليل..
فلتشتعل القناديل..
وليغن الأطفال ، وليصدحوا..
وليمنحوا العالم دفئا ، و تفاؤلا ۰۰
وليمسحوا عن وجوهنا النفاق والغبار
*******
.. ربما يا ليلة صدق ،،
لن يعرفني الصغار اذا مشيت بينهم ..
قولي لهم اني صديق قديم حفل قنديله ..
أخترق الشوارع ..
هتف مع رفاق طفولته آنذاك ..
طارد "الشواي"
اسردي على مسامعهم كل الذكريات ..
وازرعي على وجه كل طفل بسمة حب ..
فما أروع ابتسامات الأطفال في زماننا الحزين .. عصر المختفي خلف ألف قناع ،،
فلا تبخلي بالحب ، والأمل ، والقناديل ..
امطريهم حتى يسيروا ..
ويطرقوا باب الإنسانية المنغلق في وجه الانسان..
*******
.. دعيني احك
أبت في أعماقك المتقدة أحزان السنوات ..
وآلام البشرية ..
أصف لك الأصدقاء الذين تغيروا ..
أحدثك عن الرفاق الذين تساقطوا ..
وعن من رحل ولم يعد..
فليمض الاطفال ..
وعلى وجوههم الهادئة ضوأت الشموع ..
وأنا سأقول لك ..
" كان الشواي انسانا يحترق في مدن العالم .."
"كان طفلاً بات ليلتين دونما عشاء"
"كان بشرية تشقى من أجل اللقمة.."
ورغم كل هذا ..
سأكتب على قسمات وجهك ..
كلمات ود للإنسان الذي يرسم بالحب كل الخطوات
ويبقى في كل الأشياء ..
*******
..فلا تبك..
انتا والاصدقاء الذين هرموا في الحياة …
ما عدنا نلتقي ..
كنا أربعة ..
تؤرجح القناديل الملونة .. تجري مع الآخرين .
نغني في أذنيك مع الريح..
ونهتف ، وأعيننا نجوم لامعة ..
- "الشواي في ذيله ريشة" -
وكان يركض أمامنا ..
نضحك ، نثرثر ، ونحن نعدو خلفه ..
حتى عندما التهمت النيران بيت جارنا ، كنا نصيح بإنفعال .
- "الشواي في ذيله ريشة -
لكن تلك المرة لم تكن ريشة
لقد التهم جارنا وتركه كومة من الرماد
فما أقسى أن يتلاشى الإنسان، يتحول الى دخان ورماد
*******
واحد من الأربعة ،،
ارتدي بدلة..
اقتنى سيارة ، غير نظارته أكثر من مرة..
سكن شقة في الدور الثاني..
التقينا في الطريق ..
لم يعرفني..
حدثته عن جارنا الذي احترق يوما ما ..
عن سكان شارعنا الطيبين، عن القناديل ،
والذكريات،
عن أمه التي كانت تبيع البيض ..
وتعد لنا عصيدة العيد ..
عن والده عامل البناء
الذي لقي حتفه تحت جدار قدیم
انهار فوقه ..
ضحك وقال ..
"انك مخطئ، لست أنا من تتحدث عنه .."
ومضي في طريقه
.. فيا ليلة الميلاد..
أوقدي قناديلك على ملامح كل الذين تغيروا.. أتبتي وراء الوجوه المستعارة،
واسمعيهم أغنيات الطفولة ..
*******
..وكانت أمي تقول ..
- ".. يا ولدي..
بإمكان الزمان أن يفني كل شيء ..
الا الانسان !
تعرف لماذا .. أيها الصغير ؟
لأنه يحيا بالخبز، والحب معا ..
حاول أن تجعل قلبك عامراً بالحب في كل حين ..
فالاطفال طاهرون دائما..
يزينون ليلة الميلاد ..
يوقدون الشموع في ظلمة الحياة.."
*******
.. كانت صديقتنا..
تشاركنا الغناء.. تمسك في يدها القنديل المنور ..
تصدح مثل طائر طليق..
عيناها تعكسان أضواء كل القناديل المنتشرة حولها..
لا تعرف سوى المرح ..
و أتذكرين - يا ليلة الميلاد .. وجهها ، كلماتها ،
شعرها..
طفولتها..؟؟
لاتحزني..
فبعد أن بعثرتنا الستون..
علمنا أن الطفلة صديقتنا احترقت في السابعة عشرة ..
ورأينا بقاياها من الرماد..
فلقد التهمها الشواي!
بكينا كثيرا ..
فالجميع كانوا يلقون بالخطب على جسدها ..
ويحرقونها..
*******
.. والصديق الثالث ،،
صار موظفا محترما..
يقرأ الصحف اليومية ..
يحتسي القهوة المرة. .
يناقش العلاوات ، و الزيادات السنوية ..
ساقتني إليه الصدفة ذات مرة ..
تجاهلني ، ورد علي بلهجة جافة ..
-" تعال غدا"-
جئته في اليوم التالي ، وقلت له ..
- "وصلوا الى القمر .. " -
في اليوم الثالث، قلت له ..
- "وصلوا الى المريخ" -
في اليوم الرابع ، قلت له ..
- "وصلوا إلى عطارد" -
في اليوم الخامس ، صحت في وجهه ..
- "..الشواي حرق العالم "-
لكن الصديق لم يعرني أيما اهتمام..
ولم ينتبه الى الجموع التي أحاطت به ..
فلقد كان منهمكا في حل الكلمات المتقاطعة ..
*******
فيا ليلة الميلاد،،
امنحينا قطرات حب..
تسقط على أرض البشرية ..
تروي الناس ودا و تعاطفا ..
تجعلهم أكثر صدقا ووضوحا
مع أنفسهم والآخرين..
*******
.. دعيني أعبر..
أطرق بابك..
أرافق الأطفال وهم يحملون القناديل ..
ويغنون ..
الانسان، والحب..
للميلاد
..حينما ولد عام جديد،،
كنت أتمنى أن يكون الحب في قلبينا أعمق ما يمكن
لاهديك ابتسامة الميلاد ..
ولاطفىء كل المصابيح الصناعية،
ويتوهج حبي بين يديك..
عندما أعلن العام الجديد المجيء..
كنت أعد نفسي لامنحك عصفورا أبيض يرفرف دو نما قفص ، لكن هاهو العام الجديد يقبل..
والحب في قلبينا ميت !!
و كل العصافير داخل الأقفاص..
فما عاد الذي يتوهج مثل الشمس في حياتنا يتوهج.
أمسينا غريبين ،،
وكان العالم من حولنا موحشا ..
- فيروز ما عادت تغني عن شادي
والانسان التائه أبدا ، ما زال يبحث عن درب ..
احتفت بيروت،،
اسود الاطفال ..
وأنا وانت جرحان غائصان في جلد الزمان ..
دماء تنزف ،،
عام مات
عام جاء ..
- "فلمن تقرع الاجراس ؟ -
يتلقى الأطفال هدایاهم دمى قنابل زاهية الألوان..
ترتفع ضحكات العشاق السعداء..
تنطفىء الأنوار..
- " ميلاد سعيد .. "-
- "عام مبهج.." -
سيحتضن الأطفال هدایاهم قنابل الدمى الملونة .. يكتب الشعراء قصائدهم ..
فيا حبيبتي ،،
هل تعرفين من هم الشعراء؟
من هم الرؤساء؟
من هم الأطفال؟
*******
..حسنا ، سأحدثك قليلا ،،
عن هذا العالم… عن حزنه ..
فربما استطعت أن أحرك فيك مشاعر حزن ..
أنا لست قاسيا حتى أحاول أن أبكيك .. ولست متشائما لكي أسقط الدموع من عينيك يوم الميلاد…
أنا واقعی فقط ..
وواقعية الحياة مرة الى حد لا يصدق، ماذا قلت لك ؟
آه ، تذكرت أنني أنوي أن أسرد عليك بعض الحكايات
فثمة رجل كان يدعی نیرودا.
مات منذ عامين ..
هل سبق أن سمعت عنه ؟، أو أنك كنت مهتمة بتتبع آخر موضة للازياء..
.. وحفظ تعليمات الطبخ، وفنون الزينة ..
أو ربما دعايات الاعلان منعت اخباره من أن تصل اليك..
قلت لك..
كان رجلا یدعی نیرودا..
نه ليس قنينة عطر..
وليس صيحة من صيحات الموضة…
كان يكتب شعرا ..
كان انسانا ..
كان كل الشعراء..
أتركيني أفرغ أحزاني ..
قيل انه مات قهرا عندما سالت دماء الأنسان .. فكمدا ، أو قهرا، أو نفيا يموت الشعراء ..
من أجل الإنسان ..
يا حبي في هذا العصر يموت الانسان ..
لكن تولد كلمات الشمس ..
*******
ياحبيبتي..
دعيني أثرثر على أعتاب سنة جديدة ..
قولي جننت.
فجنون الإنسان من سمات هذا العصر ..
وقهر الإنسان من سمات هذا العصر..
أنا أعرف أن العشاق يتبادلون الهدايا عند قدوم كل عام …
والناس يزوقون مشاعرهم نفاقا کا يزوقون واجهات بيوتهم..
لكنني أنا عاشق مفلس ..
أهديك الكلمات ، وأخبار الناس ، وأنباء الشعراء المقتولين..
و نعي الاطفال المغدورين ..
آقاسمك قليلا من حزني.. و بعضا من أحلامي المستحيلة
قد تكون هدايا غير مناسبة..
أو حتى مضحكة أمام الصديقات..
لكن عذرا،،
اتركيني أزرع بعض الأحرف ..
وقولي عني ما تشائين.
فالسنوات تموت..
والشعراء يموتون ..
والأطفال يموتون..
لكن كلمات الشمس لا تموت ، لا تموت ..
*******
الأطفال ماذا أقول عنهم ؟
انهم أطفال ..
أعتقد أن هذا يكفي عنهم …
*******
… وفد عام آخر..
لا تسألي عما سيحمله لنا بين راحتيه ؟
بل قولي ..
ماذا سنفجر له في أعماقنا ..؟
هل الحب يكفي ؟ أو الحزن ، أو الأمل ..
أو اننا بحاجة إلى الإنسانية ..
*******
… توارى عام عجوز،،
كان يخفي وجهه بين راحتيه ..
أتصدقين يا حبيبتي ؟ أن العام كان خجلا ..
كان متعب الجسد ..
لوح لي بیدين مغسولتين بالدماء، وغاب في قلب التاريخ
كان العام المفقود صرخات جوعي في مدن تبحث عن خبز،،
وأحلام أطفال شاخوا قبل أن يصلوا الى العام الرابع
*******
… أحدثك ، وأحدثك رغم كل الظروف ، أقول لك..
ان في ذات اللحظة التي يرقص فيها المبتهجون بليلة رأس السنة..
يوجد من یبکی ..
لا تقولي ..
- " دعنا من الحزن .. "-
لأني سأقول لك ..
- " وهل يتركنا الحزن ؟" -
لا تقولي لي ..- "ان الحب يكفى "-
۔ لأني سأقول لك ..
- ما عاد الحب وحده يكفي ۰۰)
لا تقولي شيئا ..
كوني صامتة حتى أبثك ما في أعماقي ، فربما استطعت يوما ما أن أفجر فيك كل الأشياء
*******
۰۰۰ ولد عام جديد ،
يا حبيبتي ، وأنا مفلس .. لا أملك ما اهديك ..
سوى هذه الكلمات ..
انها ترثرة على اعتاب سنة جديدة.
قولي انه جنون
لكنه جنون عشاق القلرن العشرين
*******
أنهم سيطفئون الأضواء..
أنتظري ضعي يدك على قلبك..
فستسمعين وسط صخب الميلاد انفجار قنبلة ما..
وربما يكون الميت ..
طفلا من أطفال هذا العالم ..
للأطفال
.. طفل رسم حمامة !
وشجرة زيتون ..
ووجه امرأة حزينة ..
وشمسا، وزهرة ..
لون يديه وثوبه ..
أمه نهرته قائلة ..
- " ثوبك الوحيد .. تلو ۰۰۰۰ " ۔
وقبل ان تكمل سقطت جدران البيت
أنفجر الموت ..
ركض الطفل ..
كان مذعورا .. عيناه فيها رعب و حزن
طارت ورقة بعيدا مع الرياح ..
داستها أقدام الناس المذعورين .,
تلطخت بالوحل ..
الحمامة ، والشجرة ، والزهرة والشمس ..
ووجه المرأة الحزين ..
وكان الطفل يركض ..
*******
..قهقهة منتصرا..
رسم جرحا في رأس امرأة حبلى ، طعنها بالخنجر …
راح يحدق في لون الدم ..
في يدد قنبلة..
في يده سكين تلون بالأحمر..
وكانت عيناه تحملان آلاف الصور لأشباح الموتی.
امرة يزين اصبعها المقطوع خاتم الزواج ..
طفل يلف يديه حول دمية ..
خصلة شعر صبية..
قميص في کمه حبات قمح ..
ظل يضحك.. والمرأة تحتضر ..
بدأ یکی ..
جن .. خلع ملابسه ..
و شرع بركض ..
*******
کتب قصيدة ..
وأخرى . خط ألف ورقة في غربته ..
حمل أوراقه ..
أسرع في خطاه ۰۰
وسأله مدير التحرير ..
- "ما هذا ؟؟"-
فقال
- "قصائد شعر ۰۰"-
ضحك الرجل حتى احمر وجهه ..
- " آنها نكتة رائعة.."-
-"لكني لم أقل نكتة .. إنها قصائد شعر " -
- " اسمع ، حاول أن تحفظها في بيتك ، أو تحرقها.
لن تجد من ينشرها .. لدي فكرة ! لماذا لا تترك هذه اللعبة ..
و تعمل معنا بقسم الاعلانات ..
انه مربح ؟"-
-"....."-
جمع أوراقه ، وغادر المكان مسرعا..
انتحر في الليل !!
في اليوم التالي كان ديوان شعر أنيق الغلاف يطبع بملايين النسخ
مدير التحرير يشرف على العملية بنفسه ويقول مزهوا..
- "أكتبوا على الغلاف .. ديوان الشاعر الذي مات منتحرا بالأمس " -
وهمس مخاطبا نفسه ..
- " لقد قلت له منذ البداية اعمل معنا في قسم الاعلانات ، فلم يرض الأحمق "..
وكان ديوان شعر يرکض.
نرحب بتعليقاتكم