قصيدتان للشاعر الليبي الراحل على صدقي عبد القادر
إن يومي وغدي
ها هما رهن يدي
هيه يا أرض اشهدي
إن هذي التربة الغراء (ليبيا) بلدي
أنبتت زهرة الاستقلال، رمز السؤدد
وأقامت عرسها الخالد، فوق الفرقد
طالما أرهقها، أمس الجبان المعتدي
فاستماتت ثلث قرن، في جهاد تفتدي
کل شبر من ثراها . بدم الحر الندي
کم عليها للألى، قد سقطوا، من مرقد
تحت ذاك الجلمد
كالقضيب الغمد
في ضمير الأبد
* * *
هيه يا (ليبيا) الفتاة
ارقصي مثل الحياة
في ركاب الذكريات
ها هي الأنجم في عرسك تبدو باسمات
اسمعي للحجر الصلد، يغني للفلاة
وانظري الأشجار، جدلی ، في اخضرار راقصات
وارفعي رأسك لا تأسي، على ما كان فات
ذلك الماضي انقضى، فاتخدي منه عظات
قل ريسوت الآن یا (ليبيا) على شط النجاة
فاضحكي للحاضر الزاهي ، تضاحكك الغداة
أنت في ماض وآت
گنت خير الأمهات
لبني (ليبيا) الأباة
* * *
هو ذا النصر تهيا
لك (يا ليبيا) فهيا
ابعثي التاريخ حيا
إنه في دم أبنائك، دفاقاً فويا
وعلى أرضك بمشي تاركاً فيها دويا
فانفثي من روحك المعطار عطرأً عربيا
إنه ريح لمجد، هب رفافاً علياً
با شميم المجد قد هيجت مني أصغریا
فاسگب الإلهام، والأشعار، والوحي ملياً
إنني أحبت (ليبيا) قبل ما أحببت (ميا)
فاعذريني (يا ثريا)
هكذا عشت وفيا
دائما أحيا (علیا)
* * *
بدمي أحيي البلاد
بيدي ابني العماد
إنني ابن للجهاد
فدمي لحمي عظامي، لثرى (ليبيا) الرقاد
وهي بركان على العادي، ونار في اتقاد
فوق هذي الأرض قد عشت، وكانت لي المهاد
وجدودي اتخذوها أمس، بالقبر الوساد
وهي إن مت لقلبي، أعظمي، جسمي المعاد
إنها تحضنني كالطفل للمرضع عاد
بيننا قام اتحاد
أنا من تلك الوهاد
وهي من هذا الفؤاد
قصيدة الشوارع المثقوبة الأذان
شوارع (القدس) (بالخليل)
مثقوبة الأذان في يد الدخيل
صفراء، فارغة
کورق الأشجار، بالخريف
أنفاس أهلها، مصلوبة على الرصيف
على خيوط فردة من النعال، مهملة
تبدو لطفل خائف ، مقلوبة على الطريق
هناك سرة مرمية بزاوية
بها رغيف خبز، مصحف، وتربة الوطن
بقربها بقعات دم
وبعد خطوات ثلاث، مرأة جريح
تجر نفسها لو قدرت، للسرة الملقاة
* * *
هناك طفلة تبكي على أحجار بیت منهدم
تقول يا أماه أين من يدي حلواي ؟؟
وأمها بقربها قد غفلت عن الجواب
لأنها طعينة (اليهود) بالحراب
تحرك اليدين في دماء أمها
وترتعش
وترفع اليدين، تمسح الدموع، بالدماء
ووجهها الصغير ضاع في تشنج البكاء
فثلث وجهها لطخات دم
وثلثه دموع
وثلثه لا شيء، لم يعد وجهاً بأي حال
لا شيء لا دماء، لا دموع
لا شيء، غير شاهد على وحشية اليهود
***
الليل يمضي، والعيون في ثقوب الباب، تنتظر
عيون كل مرأة، في (غزة) وفي (العريش)
وتستمع
هل جاءت السيارة الكبيرة؟؟؟
هل تسمع الخطوات من تعل غليظ ؟؟؟
وهل هناك قعقعات للسلاح بالطريق؟؟
ولن تنام
عيونها مثبتة على ثقوب الباب لا ترف
لأن دورها قد حان
من بعد طرد كل أسرة، من ذلك الزقاق
وصرخة استغاثة من طعنة الحراب
من بعد جر مرأة مريضة بلا حراك
دماؤها تسيل من آثار لكمة على الجبين
قد طرحت على الطريق
تحرسها ثلاثة من الكلاب دربت على العمل
تظل تلعق الدماء، فوق وجهها، تهر
تنهشها إن رف عضو، دونما إرادة .
***
الليل يمضي، والكلاب تلعق الدماء
والرعب يجلد الزقاق في الظلام
وأعين النساء، في ثقوب الباب تنتظر
(والأمم المتحدة)
تهز ذیل (إسرائيل) عابثة
بلا اكتراث .
لأن لعبة (اليهود) بالدماء لم تتم
نرحب بتعليقاتكم