توقفوا عن دق المسامير
توقفوا عن دق المسامير عنوان مقالي المنشور اليوم الأثنين الثامن شهر صفر1444هجري ، الموافق الخامس من شهر سبتمبر 2022 ميلادي.في الصفحة الأخيرة للعدد رقم (401) من صحيفة فسانيا الليبية التي تصدر من مدينة سبها في الجنوب الليبي الحبيب .
وشكراً لمتابعتكم .
توقفوا عن دق المسامير
سالم أبوظهير
(فيه) حكاية قديمة ومعروفة للكثيرين ، وفي أعادتها عبرة وإفادة تقول : أن حكيماً من الحكماء، أنعم الله عليه بحكمة واسعه وعلم غزير ، وزاده من فضله بمال وفير وخير كثير ، وأكمل عليه النعم بولد قوي البنية شديد المراس ، لكنه كان سريع الغضب يغضب ويثور لأتفه الأسباب.
المشكلة ليست في غضب الولد السريع المتكرر ، لكن المشكلة أن غضبه فيه مهلكة للبيت كله ، وخطر على بيته ، وجيرانه وأي مكان يكون فيه .
هذا الولد المتهور الطائش، كان كلما غضب يبدأ في تهشيم كل ما يقع تحت يديه فطالت الحكاية وتعقدت وأصبح هذا الولد العاق خطراً على والديه وأسرته ومجتمعه.
تكررت نزوات الولد الغاضب لأتفه الاسباب، وأجتمع في بيت والده الجيران والأهل والأحباب ، وتدارسوا المشكلة الصعبة التي أستفحل ضررها وأشتد ، وطلبوا من والده صراحة أن لابد من أن يجد حل لولده العاق ، الذي حول حياتهم لجحيم لا يطاق ، فقد أرتهنت حياتهم ، وأمنهم وأمانهم تحت رحمة طيشه ونزواته وغضبه المتكرر ، بل بعضهم طالب الحكيم بتعويض ما لحق به من خسائر فادحة يصعب حصرها ، فقد تضررمن غضبه أهله وجيرانه و وكل من ساقه حظه العاثر ليكون قريبا من الولد العاق وهو في ساعة غضبه وهياجه.
بعد أيام تحين الوالد فرصة كان فيها ولده في هدوء وانسجام، وسأله عن رغبته في التخلص من عادته السيئة وما سببته من خسائر لأهله وللمحيطين به. أعتذر الولد العاق، وأكد لوالده أن ما يفعله من تحطيم وتهشيم، هي نتيجة ردود فعل خارجة عن أرادته، ويتمنى أن يتخلص منها ويتحكم فيها .
"وجدت حل لمشكلتك يا ولدي" ، قالها الوالد بنبرة الواثق ، وصحب ولده لزاوية من زوايا البيت الخارجية ، وبجانب سور من أسوارها لم يلحقه الضرر ، سور مطلي بلون أبيض جميل ناصع يسر الناضرين ، وأعطاه مطرقة وكيس فيه مسامير وقال :
كلما أنتابك الغضب يا ولدي دق مسماراً هنا في هذا البياض الواسع الفسيح.
أيام قليلة وكف الولد شر غضبه عن الاخرين ، وتحول السور الجميل لكومة مسامير الصدئة المغروزة فيه.
بعد تماثل الولد للشفاء ، طلب منه والده ، أن كلما غضب لكن تحكم في غضبه ولم يلحق ضرر بغيره كما كان يفعل ينزع مسماراً مدقوق.
مرت الايام ونزع الابن الضال كل المسامير المدقوقة في السور، ونظر الوالد والولد بحزن عميق الى سورهم الذي انهكته الثقوب، رغم حكمة الوالد ، وتوبة الولد الجاهل غمرت الثقوب السور..
الحكمة ان لابد من التوقف عن الغضب و دق المسامير، ونفكر جميعا كيف نزيل الاثار والمخلفات عن اسوارنا التي انهكتها الثقوب..؟!
نرحب بتعليقاتكم