أحزان المدينة السوداء للراحل محمد الفيتوري
على طرقات المدينه
إذا الليل عرشها بالعروق
ورش عليها أساه العميق
تراها مطاطئة في سكينه
محدقة في الشقوق
فتحسبها مستكينه
ولكنها في حريق !
* * *
على طرقات المدينه
وحين يشيد الظلام
تماثيله المرمريه
ويهدمها في عقوق
وتهبط بالكائنات
سلالمه اللولبية
لماض سحيق ، سحيق
وتغرق في الذكريات
سواحله العنبريه
وتوشك ألا تفيق
وينهض في كل ذات جدار
من الطين ، والماس ، والشهوات
وينعس ليل ، ويصحو نهار
يصف القناديل للظلمات
هناك تجف دماء السكينه
جفاف القبور
ويصبح قلب المدينه
كشيء حقير
كمدفأة في الهجير
كمسرجة في طريق الضرير
کافريقيا في ظلام العصور
عجوز ملفعة بالبخور
وحفرة نار عظيمه
ومنقار بومه
وقرن بهیمه
وتعويذة من صلاة قديمه
وليل كثير المرايا
ورقصة سود عرايا
يغنون في فرح أسود
وغيبوبة من خطايا
تؤرقها شهوة السيد
وسفن معبأة بالجواري الحسان
وبالمسك ، والعاج ، والزعفران
هدايا بلا مهرجان
تسيرها الريح في كل آن
لأبيض هذا الزمان
لسيد كل زمان
* * *
وتمتد مزرعة في خيال الوجود
ستكسو عراة ، وتعري عراه
وتجري كاباتها في عروق الحياه
وتصبغ لون المياه
وتصبغ وجه الإله
وتضحك أحزانها في الشفاه
وتنبت حتى الطغاة
وحتى العبيــــد
وحتى الحديد
وحتى القيود
وتنبت في كل يوم جديد
* * *
ولكنهم حين يبني الظلام
على طرقات المدينه
حواجز من حجر أسود
يمدون أيديهم في سكينه
إلى شرفات الغد
وهم صرخات سجينه
بأرض سجينه
وأيامهم ذكريات طعينه
لأرض طعينه
وأوجههم كالأكف ، حزينه
تراها مطاطئة في سكينه
محدقة في الشقوق
فتحسبها مستكينه
ولكنها في حريق !
نرحب بتعليقاتكم