نوستالجيا: سيدي بوعيشه وسدرة الرويسات
كتب : فتح الله اليمني
صباح ذلك اليوم، كنت مع اطفال الشارع نساعد سيدي بوعيشه في تنظيف السدرة مقام المرابط "سيدي بوسديرة"،على شكل رغاطة، هناك من تبرع بإحضار (الميه) من بيتهم، وفيه من جاب الخبزة وفيه من جاب عالة الشاهي ولوازمها، احميده حلوزي جاب هو ومراجع المسماري الخبزة وعزو شمام لقم براد الشاهي، وحسن بوصلاح جاب سطل المياه، والبقية كل واحد جايب عرجون وانخرطوا في تنظيف حواشي السدرة، وكلما يعثر احدنا على القروش المعدنية أو الورقية أثناء التنظيف، يقوم بتسليمها لسيدي بوعيشه الذي يلتقطها بسرعة البرق وهو في غاية البهجة والسرور؛ اقتصر عمل سيدي بوعيشه على تنظيف الاعلام ذات الدرجات المختلفة من اللون الأخضر، كما كان يجمع الجاوي المطوب والشماعي المرمية تحت النسيج الخضري للسدرة.
على فكرة احميده حلوزي، اكتسب اسمه من خبزة حوشهم المميزة، التي كان يحملها معنا إلى كوشة سي مسعود، وهي دائما تصنعها خالتي غزالة من الدقيق الأبيض وعندما تخرج من الكوشة فراديها منظرهن يهبل!!. الحاجة مريم دمدوم أتت ومعها صونية مقطع كبيرة يزينها القديد والفلفل الأحمر المبطبط، وتتصاعد منها أشهى الابخرة وازكاها، كما أحضرت الحاجة فاطمة العروشية، قنينة ماء الزهر ورشتها في محراب المرابط.
بعد حملة النظافة ونثر الماء حول السدرة، جلسنا أمام مدخلها في واجهة محراب المرابط، الذي ترفرف على قمته الرايات وتعطره ابخرة الجاوي والفاسوخ والوشق، التي يحضرها زوار المرابط؛ أكلنا المقطع واحتسينا الشاهي، حيث كنا في غاية الفرح والسرور وتصالحنا مع سيدي بوعيشه بعد أن كان يتهمنا بسرقة النقود التي يضعها رواد المرابط المتبركين ببركاته! اتذكر بأنه ذات مرة جاء سيدي بوعيشه للوالد في ورشة النجارة الكائنة بشارع الطيرة، وقال له: الله والنبي تفكني من اولدك هضا، وأشار إلي، له كم يوم متسلط على قريشات السدرة!!! ................... ويعجبني في الذكريات سخاؤها!
رحم الله سيدي محمد ابوعيشه وجعل الجنة داره ومأواه.
نرحب بتعليقاتكم