في ليبيا، حيث الفوضى تنظم الانتخابات والنظام يجمدها..! هنا مقال جريء بقلم الكاتب والناقد السياسي حافظ مطاوع فكك فيه بمهنية مفارقات المشهد السياسي الليبي، وكشف صمت النخبة المتناقض...تابع قراءة المقال من هنا 👇👇👇
![]() |
حافظ مطاوع |
✍️ بقلم : حافظ امطاوع
📅 التحديث: الإثنين 30يونيو 2025م
الانتخابات البلدية في ليبيا
اختبار الهوية بين المدنية والقبلية
مقدمة: أزمة الهوية في الممارسة الديمقراطية
لم تعد الانتخابات البلدية في ليبيا مجرد ممارسة ديمقراطية تقليدية، بل تحولت إلى اختبار حقيقي لفهم الهوية الوطنية. السؤال المحوري الذي يطرح نفسه اليوم: هل نحن مجتمعات مدنية تتطلع للمستقبل وتؤمن بالمؤسسات الديمقراطية، أم مجرد تجمعات قبلية تدار بمنطق الغنيمة والمحاصصة؟
هذا التساؤل ليس مجرد تأمل فلسفي، بل واقع يعيشه المواطن الليبي يومياً في ظل التناقضات الصارخة بين مناطق مختلفة من البلاد.
المفارقة الغربية: الفوضى التي تنتج النظام
في المناطق الغربية من ليبيا، وعلى الرغم من فوضى السلاح وعبث المليشيات التي لا يتوانى البعض ممن يلبسون عباءة النخبة عن ذمها نهاراً والاستفادة من ظلالها ليلاً، ستجرى الانتخابات البلدية في موعدها المحدد.
هذا الواقع يطرح تساؤلات عميقة حول طبيعة الديمقراطية والنظام. فكيف يمكن لمنطقة تعيش حالة من عدم الاستقرار الأمني أن تحافظ على العملية الديمقراطية، بينما مناطق أخرى تدعي الاستقرار تفشل في ذلك؟
المناطق الغربية
• فوضى السلاح والمليشيات
• إجراء الانتخابات في موعدها
• تنظيم صناديق الاقتراع
• ممارسة ديمقراطية رغم التحديات
مناطق الانضباط العسكري
• ادعاء النظام والاستقرار
• توقف الانتخابات تماماً
• تجميد بطاقة الناخب
• قمع الحقوق المدنية
تناقض الانضباط العسكري
أما في مناطق الانضباط العسكري حيث يفترض أن النظام عنوان المرحلة، فقد توقفت الانتخابات تماماً. بل وتم تجميد أبسط حقوق المواطن وهو بطاقة الناخب. ورغم ذلك، لا يتوقف البعض عن التغني بنعمة الفرد الواحد، معتبرين أن دكتاتورية مرتبة خير من تعددية مشوشة.
وكأن المواطن يُطلب منه الاختيار بين الطاعون والكوليرا، دون أن يكون له خيار ثالث يتمثل في الديمقراطية الحقيقية والحكم الرشيد.
واقع المرشح والناخب
اليوم، وأنت تخوض غمار المنافسة في بلديتك وتدعو الناس للمشاركة في العملية الديمقراطية، تكتشف حقيقة مؤلمة. في بلديات أخرى مثل سرت وسبها وبنغازي، لا يُسمح حتى بالتفكير في صناديق الاقتراع.
السبب؟ لأن "القيادة الحكيمة" قررت أن الشعب لم ينضج بعد، ولا بأس أن تبقى البلديات رهينة الثكنات العسكرية. هذا المنطق يعكس نظرة استعلائية تجاه المواطن، وكأنه قاصر يحتاج إلى وصي يقرر عنه متى يحق له ممارسة حقوقه الدستورية.
صمت النخبة المتناقض
والمضحك المبكي في هذا المشهد أن من يدعون النخبوية - أولئك المتربعون على أرائك الفضائيات والندوات - قد بلعوا ألسنتهم. لماذا؟ لأن في النهاية، التناقض هو مصدر رزقهم.
هذا الموقف المتناقض للنخبة المثقفة يكشف عن أزمة أخلاقية عميقة، حيث تصبح المبادئ قابلة للمساومة مقابل المصالح الشخصية.
دروس من التجربة الليبية
التجربة الليبية في الانتخابات البلدية تقدم دروساً مهمة للعالم العربي:
- الديمقراطية لا تحتاج إلى شروط مثالية: المناطق الغربية تثبت أن العملية الديمقراطية يمكن أن تستمر حتى في ظل التحديات الأمنية.
- الاستقرار الأمني لا يعني بالضرورة الحرية: المناطق الشرقية تظهر كيف يمكن للاستقرار أن يأتي على حساب الحقوق المدنية.
- دور النخبة في التغيير: موقف المثقفين والإعلاميين يؤثر بشكل كبير على الرأي العام والممارسة السياسية.
خلاصة: نحو فهم جديد للديمقراطية
الانتخابات البلدية في ليبيا ليست مجرد عملية إدارية، بل مرآة تعكس طبيعة المجتمع وتوجهاته. إنها اختبار حقيقي لمدى استعداد المجتمعات العربية للانتقال من منطق القبيلة إلى منطق المؤسسة، ومن ثقافة الغنيمة إلى ثقافة الخدمة العامة.
المطلوب اليوم ليس فقط إجراء انتخابات، بل بناء ثقافة ديمقراطية حقيقية تؤمن بحق المواطن في الاختيار، وتحترم إرادته، وتضع مصلحة الوطن فوق المصالح الضيقة.
طرابلس
نرحب بتعليقاتكم