📅 الإربعاء 16 يوليو 2025م
✍️ : سالم أبوظهير
في عالم السياسة الذي غالبًا ما يبدو جافًا ومعقدًا، تبرز شخصيات قليلة تنجح في كسر الحواجز وتلامس قلوب الناس بصدق وعفوية. إحدى هذه الشخصيات هي كوليندا غرابار-كيتاروفيتش، الرئيسة الرابعة لكرواتيا وأول امرأة تتولى هذا المنصب الرفيع في تاريخ البلاد. لم تكن مسيرتها مجرد سلسلة من المناصب السياسية، بل كانت رحلة إلهام وتفانٍ في خدمة وطنها وشعبها، تركت بصمة واضحة في تاريخ كرواتيا الحديث.
منذ اللحظة التي وطأت فيها قدمها عتبة الرئاسة، أظهرت كوليندا غرابار-كيتاروفيتش نهجًا فريدًا في القيادة، يجمع بين الحنكة الدبلوماسية والقرب من المواطنين. فما الذي قدمته هذه السيدة الاستثنائية لشعبها؟ وكيف استطاعت أن تصبح رمزًا للقيادة الملهمة التي تتجاوز البروتوكولات الرسمية؟ دعونا نستكشف معًا فصول هذه القصة الملهمة.
► لماذا لاتحكمنا إمرأة مثلها ؟
وهنا يبرز سؤال ملح لماذا لا تحكمنا إمراة مثل كوليندا غرابار-كيتاروفيتش ؟ وتقدم لليبيا ماقدمته الكرواتية لشعبها ولكن ماذا قدمت ؟، هنا بعض النقاط السريعة الي عرف العالم أنه من الصعب أن يقدم حاكم لشعبه ماقدمته كوليندا غرابار-كيتاروفيتش :
🎯 باعت الطائرة الرياسية الخاصة
🎯باعت 35 سيارة مرسيدس من السيارات مخصصة لنقل الوزراء وحولت العوائد للخزانة العامة
🎯خفضت راتبها الرئاسي الى 30% ليتساوى مع متوسط مرتبات عامة الكرواتيين
🎯الغت حوافز وعلاوت الوزراء والسلك الدبلوماسي
🎯في كل رحلاتها الخارجية تحجز في طائرات الرحلات العادية
🎯قالت لشعبها: لن نفترض من البنك الدولي ولو متنا جوعا
🎯الغت الضرائب على محدودي الدخل
🎯قلصت الى النصف سفارات وقنصليات وممثليات كرواتيا في الخارج لتوفر ملايين الدولارات سنويا.
🎯جعلت من كرواتيا التي انهكتها الحرب الاهلية الى دولة من اهم الدول المتقدمة في اوربا والعالم.
وُلدت كوليندا غرابار-كيتاروفيتش في رييكا، كرواتيا، عام 1968م، ونشأت في بيئة ريفية بسيطة، مما غرس فيها قيم العمل الجاد والتواضع. تميزت منذ صغرها بذكاء حاد وطموح كبير، دفعها نحو التفوق الأكاديمي. درست في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث حصلت على منحة دراسية، وتخصصت في العلاقات الدولية واللغات، مما مهد لها الطريق لدخول عالم الدبلوماسية.
بدأت مسيرتها المهنية في وزارة الخارجية الكرواتية، وتدرجت في المناصب بسرعة بفضل كفاءتها الفائقة. شغلت منصب وزيرة الشؤون الخارجية والتكامل الأوروبي، حيث لعبت دورًا محوريًا في مفاوضات انضمام كرواتيا إلى الاتحاد الأوروبي. كما عملت سفيرة لكرواتيا في الولايات المتحدة، ثم شغلت منصب الأمين العام المساعد للدبلوماسية العامة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب الرفيع [1]. هذه الخبرة الدولية الواسعة صقلت شخصيتها القيادية ومنحتها رؤية شاملة للتحديات العالمية.
في عام 2015م، حققت كوليندا غرابار-كيتاروفيتش إنجازًا تاريخيًا بفوزها في الانتخابات الرئاسية، لتصبح أول امرأة تترأس كرواتيا المستقلة. لم يكن فوزها مجرد تغيير في الوجوه السياسية، بل كان إشارة واضحة إلى رغبة الشعب الكرواتي في قيادة جديدة، قادرة على إحداث فرق حقيقي في حياتهم.
► رؤية وطنية وإصلاحات جريئة
خلال فترة رئاستها، ركزت كوليندا غرابار-كيتاروفيتش على تعزيز الوحدة الوطنية والهوية الكرواتية، خاصة بعد سنوات من الصراعات والتحولات. دعت باستمرار إلى تجاوز الانقسامات والعمل معًا من أجل مستقبل أفضل للبلاد. كانت تؤمن بأن قوة كرواتيا تكمن في تماسك شعبها وقدرته على التغلب على التحديات.
على الصعيد الاقتصادي، بذلت جهودًا حثيثة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحسين مناخ الأعمال في كرواتيا. سعت إلى فتح أسواق جديدة للمنتجات الكرواتية وتشجيع ريادة الأعمال، بهدف توفير فرص عمل للشباب والحد من الهجرة. كما أولت اهتمامًا خاصًا لدعم المرأة في جميع المجالات، وتشجيعها على المشاركة الفعالة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
► كرواتيا على الساحة الدولية: تعزيز الدور الدبلوماسي
بفضل خلفيتها الدبلوماسية القوية، لعبت كوليندا غرابار-كيتاروفيتش دورًا بارزًا في تعزيز مكانة كرواتيا على الساحة الدولية. عملت على توطيد علاقات بلادها مع دول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، مؤكدة على التزام كرواتيا بالقيم الديمقراطية والأمن الجماعي. كانت صوتًا قويًا لكرواتيا في المحافل الدولية، تدافع عن مصالح بلادها وتسعى إلى حل النزاعات الإقليمية بالطرق السلمية.
كما شاركت بفعالية في العديد من المبادرات الدولية التي تهدف إلى تعزيز السلام والاستقرار والتنمية المستدامة. كانت تؤمن بأن كرواتيا، كدولة صغيرة نسبيًا، يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل مستقبل أفضل للمنطقة والعالم، من خلال الدبلوماسية النشطة والتعاون الدولي.
► القرب من الشعب: رئيسة من قلب الناس
ربما كان الجانب الأكثر تميزًا في قيادة كوليندا غرابار-كيتاروفيتش هو قربها الشديد من الشعب. لم تكن مجرد رئيسة تجلس في مكتبها، بل كانت تتفاعل مباشرة مع المواطنين في الشوارع والأسواق والفعاليات العامة. أسلوبها الشعبي والعفوي جعلها محبوبة لدى الكثيرين، حيث شعروا بأنها واحدة منهم، تفهم معاناتهم وتطلعاتهم.
تجلى هذا القرب بشكل واضح خلال كأس العالم لكرة القدم 2018م، حيث أصبحت كوليندا غرابار-كيتاروفيتش أيقونة عالمية بتشجيعها الحماسي لمنتخب بلادها. حضورها في المدرجات بقميص المنتخب، وتفاعلها العفوي مع اللاعبين والجماهير، أظهر جانبًا إنسانيًا للقيادة، وألهم الملايين حول العالم [2]. لقد أثبتت أن القائد يمكن أن يكون قويًا وملهمًا دون التخلي عن بساطته وتواضعه.
► في الختام
في الختام، يمكن القول إن كوليندا غرابار-كيتاروفيتش لم تكن مجرد رئيسة لكرواتيا، بل كانت رمزًا للقيادة التي تجمع بين الكفاءة والتعاطف، بين الرؤية الوطنية والقرب من الشعب. لقد تركت إرثًا من الإنجازات التي ساهمت في بناء كرواتيا أقوى وأكثر ازدهارًا، ودروسًا في القيادة الملهمة التي تتجاوز حدود البروتوكولات الرسمية.قصتها هي دعوة لكل قائد، ولكل فرد، إلى الإيمان بقدرته على إحداث فرق إيجابي في مجتمعه، وأن القيادة الحقيقية تنبع من القلب، وتتجسد في خدمة الناس بصدق وتفانٍ. فلتكن مسيرة كوليندا غرابار-كيتاروفيتش مصدر إلهام لنا جميعًا، لنعمل معًا من أجل مستقبل أفضل، حيث يكون القادة قريبين من شعوبهم، وملهمين لهم نحو تحقيق الأحلام.
المصادر:
- [1] كوليندا غرابار كيتاروفيتش - ويكيبيديا العربية
- [2] بالصور.. أسرار حياة الرئيسة الحسناء التي أبهرت العالم - العربية
نرحب بتعليقاتكم