📁 آخر الأخبار

من ربع دينار إلى ربع مليون دينار

 

ربع دينار ليبي

من ربع دينار ليبي إلى ربع مليون دينار

    في ريف من أرياف الجبل، وُلد بطل قصتنا بعينين لامعتين، جعلته مميزاً منذ ولادته ، كان ذكاؤه يسبق سنوات عمره، لكن الحياة لم تكن رحيمة، فأجبرته الظروف أالقاسية على ترك مدرستة مبكرًا جداً. وفي عمر لم يتجاوز الخمس عشرة عامًا التحق بالجيش، ليستيقظ كل صباح تحت سماء خيمته، يغسل الصحون ويرتب شؤونه بنفسه ، ويصبر على تدريباتٍ قاسية أكبر من عمره ، كانت تدريبات تكسر الظهر قبل العظم. لكنها تصنع الرجال. وطوال فتره خدمته بالجيش لم يكن بطلنا كأي جندي. كان هناك شيء مختلف فيه: الانضباط الذي لا يُنتهي، والانتباه لأدق التفاصيل، ونظرنه التي تجعلك تتوقف لتقول: "هذا الشاب ليس عاديًا."

في الثالثة والعشرين من عمره غادر الجيش، ليجد نفسه وجهاً لوجه أمام صخب المدينة وتناقضاتها وضجيجها ، بدأ عمله كمساعد أمن في أحد المنشأت المدنية التابعة للجيش، لكنه لم يكن ممن يبقون في الصفوف الخلفية. سرعان ما لاحظ رؤساؤه أنه لا يشبه الآخرين. بديهته السريعة، وذكاؤه الاجتماعي اللافت، وقدرته على فهم الناس كما لو كان يقرأ كتابًا مفتوحًا، كل ذلك جعله يرتقي سريعًا إلى مشرف أمني على معامل مليئة بالنخبة، المهندسين، والعلماء الحاصلين على أعلى الشهادات. وهو لايملك شهادة سوى شهادتهم له بأنه صادق ولبق ومحترم وودود. وبذلك، نسج شبكة علاقات قوية، تحولت فيما بعد إلى جسور أوصلته إلى أبواب جديدة.

لم يكتفِ بالأجر القليل، فبعد انتهاء الدوام، كان ينزع بدلته الرسمية وربطة عنقع ،ويرتدي ملابس أخرى ويتقمص شخصية مختلفة ووجهاً أخر : سائق سيارة أجرة بحضور مختلف، يبتسم لكل زبون وكأنه يعرفه منذ سنين. لكن في قلبه كانت فكرة أكبر تنموفي رأسه: ترك مهنة السائق وأمتهن التجارة. جرب سوق الخضار ، وسوق والملابس، وسوق الأثاث، ثم أنخرط في سوق العقارات. هناك فقط اكتشف أن االتوفيق لايحالف إلا من سعى له بصيبر وكد وأن النجاح لا يأتي إلا لمن يستحقه.

بدأ بعقد صفقات يفشل في صفقة وينجح في صفقات ، وهكذا تدرج في عقد الصفقات بذكاء وخبرة وخنكة، حتى أصبح اسمه مألوفًا ومعروفاً في سوق العقارات بسبب صدقه وحسن تعامله. سنوات قليلة واشترى بيتًا صغيرًا، متواضعًا، لكنه كان حجر الأساس. فمن فوقه، شيّد شققًا للإيجار، ثم عمارة كاملة، ثم أخرى، وتحول من مجرد سمسار عقارات إلى رجل من رجال الأعمال له بصمته. يملك استراحات، ومحلات تجارية ، وعقارات تمتد كالأصابع الصغيرة عبر المدينة. وفجأة، أصبح من أصحاب الثروات، دون أن يدرك كيف وصل إلى هناك.

في إليلة من الليالي الهادئة، بينما كان يقلب في أوراقًه القديمة في درج مكتبه، وجد كيسًا ملقى في زاوية الخزانة. فتحه، فوجئ بمبلغ يزيد عن خمسين ألف دينار! حاول أن يتذكر من أين جاء، لكن الذاكرة خانته. نظر إلى المال، ثم إلى صورته القديمة من أيام الجيش، وتسلّل داخله سؤالٌ عميق: "هل هذا كله منّي؟ أم أن الرزق يأتي حين نصدق القول والعمل ، خرج للشرفة متأملاً عمارته الكبيرة، ونظر في الأفق البعيد حيت تتوهج أضواء المدينة ، هذه المدينة التي كانت يومًا ما غابة غريبة عليه. خبرها اليوم وعرف أسراره وصار لاعبا مهما فيها .... أبتسم بسعادة وشكر الله وحمده ، كان يشعر بسعادة عميقة ورضا ، ليس لإن حسابه في المصرف تجاوز الربع مليون دينار، لكنه سعيد وفخور بقصة كفاحه ، وواثق ان خلف قصة هذه الثروة قصة جهاد وتحدي وصبر ، وهذه كانت عنده أفضل  من الملاييننها قصة كفاحه، وصموده، وعزيمتة،  كان بالأمس لا يملك  ربع دينار، واليوم لا يعرف من أين جاءت آلافه. لكنه يعرف أن النجاح لا يُشترى، ولا يُهدى، بل يُصنع. وبطل قصتنا صنعه بنفسه،  وبكل بكل صمت وتصميم،

تمت


صحيفة المنظار الليبية
صحيفة المنظار الليبية
تعليقات