📁 آخر الأخبار

إعادة إعمار ليبيا بين شعارات سياسية وأحلام لا تتحقق

يحلل هذا المقال التحديات التي تواجه عملية إعادة الإعمار في ليبيا، مع التركيز على الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية، ويستعرض أبرز المشاريع المعلنة والواقع الفعلي لتنفيذها، تعرف في هذا المقال على أخطر التحديات التي تواجه إعادة إعمار ليبيا من الانقسام السياسي الى الفساد المستشري إلى البنية التحتية المدمرة. تحليل موجز يكشف الفجوة بين الشعارات السياسية وأحلام الليبيين في الاستقرار والازدهار. مقال مدعوم بالمصادر.


✍️ بقلم : سالم أبوظهير
📅 التحديث: الأحد 20 يوليو 2025م

المقدمة

    تُعدّ ليبيا، بفضل مواردها النفطية الهائلة وموقعها الجغرافي الاستراتيجي، دولة ذات إمكانات اقتصادية كبيرة. إلا أن سنوات الصراع والاضطرابات السياسية التي أعقبت سقوط نظام القذافي في عام 2011م، قد خلّفت دمارًا واسعًا في البنية التحتية، وأدت إلى تدهور كبير في مختلف القطاعات الحيوية. 

    ومع كل بارقة أمل تلوح في الأفق نحو الاستقرار، يتجدد الحديث عن ملف "إعادة إعمار ليبيا"، الذي أصبح شعارًا سياسيًا تتنافس عليه الأطراف المحلية والدولية، بينما تظل أحلام الليبيين في استعادة بلادهم مزدهرة بعيدة المنال. يهدف هذا المقال إلى تحليل التحديات التي تواجه عملية إعادة الإعمار في ليبيا، مع التركيز على الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية، واستعراض أبرز المشاريع المعلنة والواقع الفعلي لتنفيذها، مدعومًا بالمصادر والوثائق المتاحة.

شعارات سياسية وأحلام لا تتحقق: فجوة بين الوعود والواقع

    لطالما كانت "إعادة إعمار ليبيا" شعارًا سياسيًا رنانًا، تستخدمه الأطراف المتصارعة لجذب الدعم الشعبي والدولي، وإضفاء الشرعية على وجودها. فكل حكومة أو فصيل مسلح يرفع راية الإعمار، ويعد بتحقيق الرخاء والازدهار، بينما يظل الواقع على الأرض بعيدًا كل البعد عن هذه الوعود. هذه الفجوة بين الشعارات السياسية والأحلام التي لا تتحقق تزيد من إحباط الليبيين، وتعمق من حالة عدم الثقة في الطبقة السياسية.

    فمنذ عام 2011م، توالت الحكومات والمبادرات، وتعهدت ببدء عملية إعادة الإعمار الشاملة، ولكن القليل جدًا من هذه الوعود قد تحول إلى حقيقة ملموسة. فبدلاً من التركيز على مشاريع البنية التحتية الكبرى التي تخدم جميع الليبيين، غالبًا ما تركز الجهود على مشاريع صغيرة ومحدودة النطاق، أو مشاريع تخدم مصالح فصائل معينة أو مناطق محددة، مما يزيد من الانقسام ويغذي الصراع.
كما أن غياب رؤية وطنية موحدة لإعادة الإعمار، وتعدد الجهات الفاعلة، وتضارب الصلاحيات، كلها عوامل تساهم في تعثر هذه العملية. فكل طرف يسعى إلى تنفيذ أجندته الخاصة، دون تنسيق حقيقي مع الأطراف الأخرى، مما يؤدي إلى هدر الموارد وتكرار الجهود.

    وفي كثير من الأحيان، يتم استخدام ملف إعادة الإعمار كورقة مساومة في الصراعات السياسية، حيث يتم ربط تنفيذ المشاريع بتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية. هذا التسييس لعملية الإعمار يحولها من مشروع تنموي يهدف إلى خدمة المواطنين، إلى أداة للصراع وتوسيع النفوذ، مما يعيق أي تقدم حقيقي.

حجم الدمار والتكلفة التقديرية لإعادة الإعمار

    لقد ألحقت سنوات الصراع أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية الليبية، من طرق وجسور ومستشفيات ومدارس ومحطات طاقة. وتتفاوت التقديرات حول التكلفة الإجمالية لإعادة الإعمار بشكل كبير، مما يعكس حجم الدمار وتعقيد الوضع. ففي عام 2021م، أشارت تقارير إلى أن ليبيا تحتاج إلى حوالي 110 مليارات دولار أمريكي لإعادة إعمار المدن المدمرة والشروع في تنمية المناطق التي عانت لعقود [1]. وفي تقدير آخر، ذكر تقرير للبنك الدولي قبل سبع سنوات أن فاتورة إعادة الإعمار في سائر أنحاء ليبيا قد تصل إلى نحو 200 مليار دولار [2]. هذه الأرقام الضخمة تبرز حجم التحدي الاقتصادي الذي تواجهه ليبيا، وتجعل من عملية إعادة الإعمار مشروعًا ضخمًا يتطلب تضافر جهود محلية ودولية غير مسبوقة.شعارات سياسية وأحلام لا تتحقق: فجوة بين الوعود والواقع.

    لطالما كانت "إعادة إعمار ليبيا" شعارًا سياسيًا رنانًا، تستخدمه الأطراف المتصارعة لجذب الدعم الشعبي والدولي، وإضفاء الشرعية على وجودها. فكل حكومة أو فصيل مسلح يرفع راية الإعمار، ويعد بتحقيق الرخاء والازدهار، بينما يظل الواقع على الأرض بعيدًا كل البعد عن هذه الوعود. هذه الفجوة بين الشعارات السياسية والأحلام التي لا تتحقق تزيد من إحباط الليبيين، وتعمق من حالة عدم الثقة في الطبقة السياسية.

    فمنذ عام 2011م، توالت الحكومات والمبادرات، وتعهدت ببدء عملية إعادة الإعمار الشاملة، ولكن القليل جدًا من هذه الوعود قد تحول إلى حقيقة ملموسة. فبدلاً من التركيز على مشاريع البنية التحتية الكبرى التي تخدم جميع الليبيين، غالبًا ما تركز الجهود على مشاريع صغيرة ومحدودة النطاق، أو مشاريع تخدم مصالح فصائل معينة أو مناطق محددة، مما يزيد من الانقسام ويغذي الصراع.
كما أن غياب رؤية وطنية موحدة لإعادة الإعمار، وتعدد الجهات الفاعلة، وتضارب الصلاحيات، كلها عوامل تساهم في تعثر هذه العملية. فكل طرف يسعى إلى تنفيذ أجندته الخاصة، دون تنسيق حقيقي مع الأطراف الأخرى، مما يؤدي إلى هدر الموارد وتكرار الجهود.

    وفي كثير من الأحيان، يتم استخدام ملف إعادة الإعمار كورقة مساومة في الصراعات السياسية، حيث يتم ربط تنفيذ المشاريع بتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية. هذا التسييس لعملية الإعمار يحولها من مشروع تنموي يهدف إلى خدمة المواطنين، إلى أداة للصراع وتوسيع النفوذ، مما يعيق أي تقدم حقيقي.
200
مليار دولار تكلفة الإعمار المقدرة
12+
عام من الصراع والاضطرابات
2
حكومة متنافسة على السلطة
6.8
مليون نسمة تعداد السكان

التحديات الرئيسية

🏛️الانقسام السياسي

    يُعد الانقسام السياسي الحاد بين الحكومتين المتنافستين في شرق وغرب البلاد العقبة الأبرز أمام أي جهود حقيقية لإعادة الإعمار. فبدلاً من توحيد الجهود لمواجهة التحديات المشتركة، تتحول مشاريع إعادة الإعمار إلى ساحة للتنافس وتوسيع النفوذ.

    وقد تجلى ذلك بوضوح بعد إعصار دانيال الذي اجتاح مناطق شرق البلاد في سبتمبر 2023م، حيث تجدد الجدل بشأن قضية إعادة الإعمار، وما لبث أن انخرط الطرفان المتنافسان في "سباق أرقام" على المخصصات المالية، دون تحديد واضح لمصادر مواردها وجهات إنفاقها [2].

    وقد أقر مجلس النواب في شرق ليبيا ميزانية طوارئ بقيمة 10 مليارات دينار (حوالي 2 مليار دولار) للمدن المنكوبة بالفيضانات، وأسند لحكومة أسامة حماد مهمة إعادة الوضع إلى طبيعته خلال 6 أشهر. وفي المقابل، تعهد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بتخصيص ملياري دينار (حوالي 446.4 مليون دولار) لصالح صندوق إعمار مدينتي بنغازي ودرنة [2].

     هذا التنافس على تخصيص الأموال، وغياب آلية وطنية موحدة للإعمار، يثير قلق المجتمع الدولي، الذي دعا مرارًا إلى تأسيس آلية موحدة لضمان فعالية وكفاءة جهود إعادة الإعمار [2]. 

💰الفساد المالي

    لا يقتصر التحدي على الانقسام السياسي فحسب، بل يمتد ليشمل آفة الفساد المستشرية في البلاد. فمع تخصيص مبالغ ضخمة لعمليات إعادة الإعمار،تظهر شبهات فساد تلاحق مشاريع إعادة الإعمار، خاصة في المناطق المتضررة مثل درنة. هذا الفساد المتجذر يعيق الدعم الدولي، ويثير تساؤلات حول مدى وصول الأموال المخصصة إلى مستحقيها.ولا يقتصر التحدي على الانقسام السياسي فحسب، بل يمتد ليشمل آفة الفساد المستشرية في البلاد.

     فمع تخصيص مبالغ ضخمة لعمليات إعادة الإعمار، تظهر شبهات فساد تلاحق هذه المشاريع، خاصة في المناطق المتضررة مثل درنة. وقد كشفت تقارير دولية عن مخاوف من سوء استخدام الأموال العامة، وأن مشاريع إعادة الإعمار قد تغذي شبكات واسعة من الفساد [3]. هذا الفساد المتجذر يعيق الدعم الدولي، ويثير تساؤلات حول مدى وصول الأموال المخصصة إلى مستحقيها، ومدى فاعلية المشاريع المنفذة على أرض الواقع.

    وخلص تقرير نشر في صحيفة العرب، في ديسمبر 2024م فأن"الفساد ضرب كل مؤسسات الدولة في ليبيا وأصبح ظاهرة واسعة النطاق، وتحول إلى عنصر أساسي في الحراك السياسي والاجتماعي وفي بنية الاقتصاد"

🛡️عدم الاستقرار الأمني

    البيئة الأمنية الهشة، وانتشار الميليشيات المسلحة، وغياب سلطة مركزية قوية، لا تشجع الشركات العالمية على القدوم إلى ليبيا، على الرغم من الإغراءات المالية الكبيرة.ويُعد عدم الاستقرار الأمني تحديًا رئيسيًا آخر يعيق عملية إعادة الإعمار. فالبيئة الأمنية الهشة، وانتشار الميليشيات المسلحة، وغياب سلطة مركزية قوية، لا تشجع الشركات العالمية التي لديها خبرة في إعادة الإعمار على القدوم إلى ليبيا، 

    وعلى الرغم من الإغراءات المالية الكبيرة [4]. فالاستثمار في مشاريع ضخمة يتطلب بيئة آمنة ومستقرة تضمن سلامة العاملين والمعدات، وتوفر ضمانات قانونية للمستثمرين. وفي ظل استمرار التوترات الأمنية، تظل فرص جذب الاستثمارات الأجنبية اللازمة لإعادة الإعمار محدودة.

📊التحديات الاقتصادية والإجتماعية

    من الناحية الاقتصادية، أثر الصراع بشكل كبير على الاقتصاد الليبي، الذي يعتمد بشكل شبه كامل على النفط. فتعطل إنتاج النفط، وتدمير البنية التحتية النفطية، وتراجع الاستثمارات الأجنبية، كلها عوامل أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع معدلات البطالة، وتزايد الفقر. كما أن غياب حكومة مركزية قوية، وتعدد السلطات، أدى إلى تشتت الإيرادات النفطية، وسوء إدارتها، مما حرم البلاد من الموارد اللازمة لتمويل مشاريع التنمية وإعادة الإعمار.

    ويؤكد الخبراء أن التحديات الاقتصادية لا تقتصر على نقص التمويل فحسب، بل تشمل أيضًا غياب الإطار القانوني والتنظيمي الواضح، مما يجعل من الصعب على الشركات الأجنبية والمحلية الاستثمار في ليبيا. كما أن تدهور القطاع المصرفي، وغياب الشفافية في المعاملات المالية، يزيد من المخاطر التي تواجه المستثمرين، ويحد من قدرتهم على المساهمة في عملية إعادة الإعمار.
تعاني البلاد من نقص حاد في التمويل اللازم للمشاريع الكبرى، وتدهور البنية التحتية القائمة، وغياب الرؤية الاقتصادية الموحدة، مما يؤدي إلى هدر الموارد وعدم تحقيق الاستفادة القصوى.لا يمكن فهم تعقيدات عملية إعادة الإعمار في ليبيا بمعزل عن الأثر الاجتماعي والاقتصادي المدمر الذي خلفه الصراع على مدى السنوات الماضية. فالحرب لم تدمر البنية التحتية المادية فحسب، بل أدت أيضًا إلى تآكل النسيج الاجتماعي، وتدهور الخدمات الأساسية، وتراجع مستويات المعيشة، مما يزيد من صعوبة أي جهود للتعافي.

    ومن الناحية الاجتماعية، أدت النزاعات المسلحة إلى نزوح مئات الآلاف من الليبيين من منازلهم، وتشريد عائلات بأكملها، وتفكك الروابط الاجتماعية. كما أن انتشار السلاح، وتزايد الجريمة المنظمة، وتدهور منظومة العدالة، كلها عوامل تساهم في خلق بيئة من عدم الثقة والخوف، مما يعيق أي جهود للمصالحة الوطنية أو إعادة بناء المجتمعات. فالإعمار لا يقتصر على بناء المباني، بل يشمل أيضًا إعادة بناء الثقة بين الأفراد والمجتمعات، ومعالجة الصدمات النفسية التي خلفها الصراع.

    إن معالجة هذه الآثار الاجتماعية والاقتصادية تتطلب مقاربة شاملة، لا تقتصر على الجوانب المادية لإعادة الإعمار، بل تشمل أيضًا برامج الدعم النفسي والاجتماعي، وتوفير فرص العمل، وإعادة تأهيل الخدمات الأساسية، وتعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد. فبدون معالجة هذه الجروح العميقة، ستظل أي جهود لإعادة الإعمار سطحية وغير مستدامة، وستستمر أحلام الليبيين في التبخر.


المشاريع المعلنة والواقع الفعلي

🏛️مدينة درنة

     بعد كارثة إعصار دانيال، تركزت الجهود على إعادة إعمار المدينة، وشملت المشاريع بناء جسور جديدة، وصيانة البنية التحتية، وإعادة الكهرباء، وصيانة مطار مرتوبة وميناء درنة [5]. كما تم توقيع عقود مع شركات مصرية وتركية لتنفيذ مشاريع في درنة ومدن الجبل الأخضر [6].

🏛️مدينة بنغازي

 تشهد بنغازي مشاريع إعادة إعمار ضخمة تهدف إلى إعادة تأهيل البنية التحتية، بما في ذلك صيانة وتطوير مركز بنغازي الطبي، ومشروع جسر السلماني، وتوسعة عقبة الباكور [7].
.

🏛️مدينة مرزق

    يتم تنفيذ مشاريع لتطويرالبنية التحتية في مرزق، بما في ذلك استكمال بناء مائة بيت في كل حي [8].

🏛️مدينة الكفرة

    يواصل صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا تنفيذ مشروعات البنية التحتية في مدينة الكفرة، من بينها أعمال صيانة الطريق المزدوج بمدخل المدينة[9].

تقديرات مالية مثيرة للقلق:

    يُقدر إجمالي العقود الموقعة لإعادة إعمار درنة بـ 12 مليار دينار ليبي (2.4 مليار دولار)، مع مخاوف من أن جزءًا كبيرًا من هذه الأموال قد يتم إهداره بسبب الفساد وسوء الإدارة.


🛡️الدور الإقليمي والدولي: بين الدعم والمصالح

    تولي العديد من الدول الإقليمية والدولية اهتمامًا كبيرًا بملف إعادة إعمار ليبيا، وذلك لأسباب تتراوح بين الدعم الإنساني، والمصالح الاقتصادية، والتأثير السياسي. وتبرز مصر كلاعب رئيسي في هذا الملف، حيث تم توقيع عقود بقيمة 5 مليارات دولار مع شركات مصرية في قطاعات مختلفة.

     كما تسعى تركيا أيضًا إلى تعزيز نفوذها الاقتصادي في ليبيا من خلال المشاركة في مشاريع إعادة الإعمار. ومع ذلك، فإن هذا الاهتمام الدولي ليس دائمًا خاليًا من التحديات، حيث قد يؤدي التنافس بين الدول على النفوذ والمصالح الاقتصادية إلى تعقيد المشهد.

🛡️دور المجتمع المدني والقطاع الخاص: بصيص أمل

    على الرغم من التحديات الجمة، يبرز دور المجتمع المدني والقطاع الخاص كبصيص أمل في عملية إعادة الإعمار. ففي ظل تعثر الجهود الحكومية، تسعى العديد من المنظمات غير الحكومية والشركات الخاصة إلى سد الفجوة، وتقديم المساعدة للمتضررين، وتنفيذ مشاريع صغيرة تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين.

      وتعمل هذه الجهات على مبادرات محلية، تركز على الاحتياجات الأساسية للمجتمعات، مثل توفير المأوى، وإصلاح المدارس والمراكز الصحية، وتوفير فرص العمل. وعلى الرغم من أن هذه الجهود قد تكون محدودة النطاق مقارنة بحجم الدمار، إلا أنها تلعب دورًا حيويًا في تخفيف المعاناة، وبناء الثقة بين المواطنين، وإرساء أسس التعافي على المدى الطويل.

      كما أن القطاع الخاص الليبي، على الرغم من التحديات الأمنية والاقتصادية، يسعى إلى المساهمة في عملية إعادة الإعمار، من خلال الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، وتوفير فرص العمل، ونقل الخبرات. إلا أن هذا الدور يظل محدودًا بسبب غياب البيئة الاستثمارية المستقرة، ونقص الضمانات القانونية، وتفشي الفساد.

    إن دعم المجتمع المدني والقطاع الخاص، وتوفير البيئة المناسبة لعملهما، يمكن أن يساهم بشكل كبير في تسريع عملية إعادة الإعمار، وتحقيق نتائج ملموسة على الأرض. فإشراك هذه الجهات في عملية التخطيط والتنفيذ، وتوفير الدعم المالي والفني اللازم، يمكن أن يحول دون تسييس عملية الإعمار، ويضمن أن تكون موجهة نحو خدمة مصالح المواطنين.

الخاتمة والتوصيات

إن مستقبل ليبيا يعتمد على قدرة أبنائها على تجاوز خلافاتهم، والعمل معًا لبناء دولة قوية ومزدهرة، تستعيد مكانتها الطبيعية في المنطقة والعالم. الأمل لا يزال موجودًا، ولكن الطريق نحو التعافي يتطلب إرادة سياسية حقيقية، ودعمًا دوليًا منسقًا، وجهودًا وطنية مخلصة.

وإن إعادة إعمار ليبيا ليست مجرد عملية هندسية أو اقتصادية، بل هي عملية سياسية واجتماعية معقدة تتطلب توافقًا وطنيًا حقيقيًا. فما لم يتم تجاوز الانقسام السياسي، ومكافحة الفساد بجدية، وتوفير بيئة أمنية مستقرة، ستظل شعارات إعادة الإعمار مجرد أحلام لا تتحقق.وحتى يتحقق تقدم ملموس في هذا الملف الحيوي، نعرض التوصيات الرئيسية التالية :

1. توحيد الجهود السياسية: يجب على الأطراف الليبية المتنافسة وضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبارات أخرى، والعمل على تشكيل حكومة موحدة تحظى بقبول جميع الأطراف، وتكون قادرة على إدارة ملف إعادة الإعمار بشفافية وكفاءة.

2. مكافحة الفساد: تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة وتطبيق القانون بصرامة على كل من يتورط في قضايا الفساد، لضمان وصول الأموال المخصصة لإعادة الإعمار إلى مستحقيها.

3. تحقيق الاستقرار الأمني: بناء مؤسسات أمنية وعسكرية موحدة وقوية، قادرة على بسط سيطرة الدولة على كامل التراب الليبي، وتوفير بيئة آمنة وجاذبة للاستثمار.

4. تفعيل الدور الدولي: دعم عملية المصالحة الوطنية وتقديم الدعم الفني والمالي اللازم، مع ضمان الشفافية والرقابة على المشاريع المنفذة.



🔑المصادر


🔑الكلمات المفتاحية


إعادة إعمار ليبيا، تحديات ليبيا، الانقسام السياسي ليبيا، فساد ليبيا، بنية تحتية ليبيا، درنة، بنغازي، صندوق التنمية ليبيا، النفط الليبي، استقرار ليبيا، مستقبل ليبيا، الأزمة الليبية، حلول ليبيا، دعم دولي ليبيا، مشاريع إعمار ليبيا، التنمية في ليبيا، الاقتصاد الليبي، الأمن في ليبيا، المصالحة الوطنية ليبيا، الاستثمار في ليبيا.
صحيفة المنظار الليبية
صحيفة المنظار الليبية
تعليقات