التضخم يضرب بريطانيا: خطة وزيرة الخزانة حل أم جزء من المشكلة؟

يشير الخبراء الاقتصاديون إلى أن الارتفاع الحاد في الأسعار لا يأتي من فراغ، بل يعود في جزء كبير منه إلى القرارات الحكومية الأخيرة. فقد فرض المستشار زيادة ضخمة تقدر بـ25 مليار جنيه إسترليني في ضرائب التوظيف، وهو قرار أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية.

هذه الزيادة الكبيرة في ضرائب التوظيف لم تؤثر فقط على الشركات، بل انعكست بشكل مباشر على المستهلكين أيضاً. فالشركات، في محاولة منها للحفاظ على هوامش ربحها، اضطرت إلى رفع أسعار منتجاتها وخدماتها، مما زاد العبء المالي على الأسر البريطانية.

يشير الخبراء الاقتصاديون إلى أن الارتفاع لا يمكن فهم أزمة ارتفاع أسعار الغذاء دون النظر إلى العوامل المناخية التي ضربت القطاع الزراعي بقوة. فقد شهدت المملكة المتحدة موسماً زراعياً صعباً، حيث أثرت الأحوال الجوية السيئة بشكل كبير على إنتاجية المحاصيل.

هذا التراجع في الإنتاج المحلي أجبر المملكة المتحدة على زيادة اعتمادها على الواردات الغذائية، والتي تأتي بتكلفة أعلى نتيجة لارتفاع أسعار الشحن والنقل عالمياً. كما أن سلاسل الإمداد تعرضت لضغوط إضافية، مما رفع التكاليف النهائية التي يتحملها المستهلكون في المتاجر.

يشير الخبراء الاقتصاديون إلى أن الارتفاع في مواجهة هذه التحديات المتراكمة، تطرح راشيل ريفز رؤيتها لإعادة إحياء الاقتصاد البريطاني المتعثر. تركز استراتيجيتها بشكل أساسي على إلغاء العديد من اللوائح المالية التي تعتبرها عائقاً أمام النمو الاقتصادي.

تهدف هذه الخطة إلى تحرير الطاقات الاقتصادية المكبوتة وتشجيع الاستثمار، لكن النقاد يحذرون من أن إلغاء اللوائح قد يأتي بمخاطر جديدة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تتطلب مزيداً من الحذر والتنظيم.

يشير الخبراء الاقتصاديون إلى أن الارتفاع في مواجهةتكشف الإحصائيات الرسمية عن صورة مقلقة لحالة التضخم في المملكة المتحدة. فقد وصل معدل التضخم إلى 3.6%، وهو أعلى مستوى يسجله منذ 18 شهراً، مما يثير قلق الاقتصاديين والمواطنين على حد سواء.

هذا الارتفاع لم يكن موزعاً بالتساوي على جميع القطاعات، بل تركز بشكل خاص في قطاعات حيوية تمس حياة المواطنين اليومية. فقد شهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً حاداً، إلى جانب زيادات ملحوظة في أسعار الملابس وتذاكر النقل العام والوقود.

 يشهد سوق الرهن العقاري في المملكة المتحدة حالة من عدم اليقين، حيث تشير التوقعات إلى احتمالية تباطؤ ما يُعرف بـ"حرب أسعار الرهن العقاري" التي شهدتها الأشهر الماضية. هذا التطور يأتي في وقت يدرس فيه بنك إنجلترا خياراته بشأن أسعار الفائدة.

القرار المرتقب من البنك المركزي حول تخفيض أسعار الفائدة من عدمه سيكون له تأثير بالغ الأهمية على عدة جبهات. فمن ناحية، قد يساعد تخفيض الفائدة في تحفيز النشاط الاقتصادي وتخفيف العبء على المقترضين، لكن من ناحية أخرى، قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط التضخمية.

على الصعيد السياسي، اتخذ كير ستارمر خطوات حاسمة لاستعادة السيطرة على حزب العمال، حيث قام بإقصاء عدد من القادة الذين تمردوا على سياسات الحزب. هذه الخطوة جاءت كرد فعل على الانتفاضة الداخلية التي طالبت بتوسيع برامج الرعاية الاجتماعية.

هذا التحرك السياسي يعكس التوترات الداخلية في الحزب حول كيفية التعامل مع الأزمة الاقتصادية الراهنة، ويشير إلى صراع أعمق حول الأولويات والاستراتيجيات المطلوبة لمواجهة التحديات الاقتصادية.

لا تقتصر التطورات الاقتصادية على الساحة البريطانية فحسب، بل تمتد لتشمل تطورات عالمية مؤثرة. فقد شهد الدولار الأمريكي تراجعاً ملحوظاً بعد تصريحات دونالد ترامب التي استفسر فيها عن إمكانية إقالة رئيس البنك الفيدرالي الأمريكي.

هذا التدخل السياسي المحتمل في السياسة النقدية الأمريكية يثير مخاوف حول استقلالية البنوك المركزية، ويمكن أن يكون له تأثيرات متموجة على الأسواق العالمية، بما في ذلك الاقتصاد البريطاني الذي يرتبط بقوة بالأسواق الأمريكية.